26لا شكّ أنّ هذه القواعد المذكورة في هذه العلوم مستخرِجها غير المسلمين، وهذه بلاد المسلمين، والمسلمون هم المؤسّسون للمساجد والمقابر، وعلماؤهم موجودون، بل ربما كان ذلك بتسديدهم.
ودعوى عدم خفاء ما ادّعاه عن الحسّ، لم أعلم ما أراد من ذلك، فإن أراد حسّه هو كان اتّضاح ما ادّعاه إنّما هو بالنسبة إليه خاصّة، فلا يحتجّ به غلى الغير، وإن أراد حسّ العلماء، قلنا: كانت العلماء قديماً وحديثاً في هذه البلدان إلى الآن، ولم يظهر لأحد صدق ما ادّعيته من الوجدان سوى شخص أو اثنين ادّعوا مثل دعواكم ولم يوافقهم سواهم، ولا عبرة بالندور.
على أنّ قولك: الحسّ الذي لا يخفى، وقولك: والوجدان يصدقه، وقولك: كما لا يخفى على سائر الناس فضلاً عن العلماء، يُعطي أنّ ذلك قريب من البديهي الضروري، بل هو يُعطي كذلك، وذلك لا يتأتّى إلّاباُمور:
1 - إمّا أن تكون مكّة قريبة من هذه البلدان، يشاهدها كلّ أحد، ويعلم أنّها غرب جنوب عن الأحساء والقطيف وأُوال، فيثبت حينئذٍ أنّ قبلة الأحساء غير نقطة الغرب بالحسّ، كما هو المدّعى.
2 - وإمّا أن يكون هناك أعلام ونُصُب بين مكّة وهذه البلدان، يرى كلّ من عند كلّ واحد منها الآخر، وهكذا من مكّة إلى هذه البلدان؛ ليحصل بذلك الوجدان لأهل تلك البلدان.
3 - وإمّا أن يكون هناك حبل من مكّة متّصل إلى البحرين في أرض معتدلة يؤمن على واضعه الكذب وما أشبه ذلك، ممّا يوضح انحراف الأحساء في الاستقبال عن نقطة المغرب، لا القواعد الهندسيّة.
على أنّ قوله: من المتّضح بحسب القواعد الهندسيّة والحسّ الذي لا يخفى، فيه ما لا يخفى على الجُهّال فضلاً عن العلماء؛ لأنّ ما يخرج من العلوم الهندسيّة لا يهتدي