212العودة إليه. وإنّما كان علينا انتظار الأزمنة المعاصرة لنجد صاحب رحلة حجّية من المغرب العربي، يقول عن رحلته: «إنّه قد جعل كتابه مختصراً، مقتصراً فيه على بيان الواقع دون توسّع في بحر المناسك وأحوال المواقع. فذاك ما قد أطال فيه السابقون، وأكثر من تكرار ذكره الرحالة والمؤلّفون» 1.
لقد كانت القاعدة العامّة، في أدب الرحلة الحجّية في المغرب العربي، هي ذكر المناسك والمواقع، وبالتالي التوسّع في مجالي كلّ من الفقه والجغرافيا، مثلما كان التقليد المتّبع هو «الترويج» على القارئ، بذكر أخبار «الغريب والعجيب» ، بل لم يكن الأمر يخلو، أحياناً كثيرة، من التأمّلات الروحانية بل والشطحات الصوفية ينوب عن صاحب الرحلة مرويّاته ومحفوظاته من الأشعار والحكايات التي يمتزج فيها التاريخ العيني بالخرافة وتتداخل فيها التواريخ والحقب. وبالتالي فهي تستحيل، فعلاً، إلى إخبار عن الأحوال النفسية للرحّالة أكثر ممّا هي تخبر عن الحجّ والحجيج، مثلما هي تغدو متناً تتجاوز فيه أصناف الرحلات لتقترب من النعت العام الذي يقصده محمّد الفاسي بقوله: «الرحلة العامّة» .
الحجّ في أدب الرحلة المغربيّة المعاصرة:
لا يتّسع لنا المقام للقول في أدب الرحلة المغربية المعاصرة، فنحن نستسمح القارئ الكريم بالرجوع إلى دراستنا التي أشرنا إليها أعلاه، حيث عرضنا بالشرح والدليل 2لجملة الفوارق التي نرى أنّها موجودة في أدب الرحلة في التراث العربي الإسلامي، وحيث يلزمنا، توطئة للحديث عن الرحلة المغربيّة المعاصرة إلى حيث تكون مناسك الحجّ والعمرة وزيارة الروضة الشريفة في ثاني الحرمين، ذكر