179إلىٰ حالة اضمحلال، وتلاشي «الأنا» وذوبانها، حال أداء المناسك، كما صرّح بذلك في مواضع متعددة من مذكراته، فوقع اختيارنا علىٰ كلمة «قشة» العربية، وهي كلمة تتضمن المعنى الموازي لكلمة «خسي» الفارسية، مضافاً إلىٰ أنها تتضمن المداليل التي تفصح عنها يوميات جلال.
ولا نعلم لو كان المؤلف حيّاً هل يوافقنا علىٰ هذا العنوان بالعربية، لكننا نحسب أن «قشة في الميقات» عنوان غير مستهلك، لأنه يستخدم للمرة الأولىٰ في تسمية كتاب في أدب الرحلة إلى الحج، وربما في عناوين الكتب العربية، ولعل ذلك يرضي آل أحمد، وهو الأديب المعروف بالنفور من العناوين المكرورة المبتذلة 1.
موقع رحلة آل أحمد في أدب الرحلة إلى الحج المدوّن بالفارسية
إن رحلة جلال إلى الحج تظل في ذروة الآثار المدونة باللغة الفارسية في هذا الحقل، وهي تتوافر على الكثير مما يتسم به نص آل أحمد، حسب وصف زوجته الدكتورة سيمين دانشور، من أنه نص «مشبوب، دقيق، ثاقب، ناقم، متطرف، عنيف، صريح، حميم، تنزيهي، مثير، مكثف بصورة برقيات» . ومقارب لذلك وصف الدكتور علي شريعتي، بأنه نص «حاد، موجز، ساخر، صريح، إنساني، عفوي، جري، عميق، فاضح، متين، جزمي، أُحادي، تقريري» .
وهي خصائص ربما تبدو متنافرة، لكن نجد معظمها في كتاب «قشة في الميقات» . ولذلك فان عباراته التي صاغها علىٰ شكل برقيات، وجملاته الموجزة المكثفة ، قد تبدو مفكّكة، عند نقلها إلى اللغة العربية، لكن حرصت الترجمة على إشباعها بأدوات الربط، ليظهر النص منسجماً متماسكاً.