136في المدينة والمغرب، وكذلك الخلفاء الفاطميّين.
وإنّ قبول هذا الرأي يلزم أن نستطيع بيان دليل تأريخي موثّق يعتمد بُعد محلّ مسجد الميقات عن مركز الجحفة، لنقبل على أساس ذلك أنّ موقع مسجد غدير خم على بُعد 3 أميال من مسجد الميقات، وقد تبدّل بعد ذلك إلى مركز الجحفة في محلّ بقايا القلعة السّكنية التأريخية المذكورة، وأنّ الحافز الذي جعل أدارسة مراكش يهتمّون بشكل خاصّ منذ سنة 172 - 310 ه لعمارة وعمران هذه المنطقة هو حفظ ذكرى الغدير في مسير العودة من حجّة الوداع، بدليل الاهتمام بسفر الحجّاج المصريّين والمغاربة، ويجب أن لا ننسى أنّ منطقة الحرمين - مكّة والمدينة - كانت جزءاً لا يتجزّأ من حكومة مصر، وقد انضمّت بعد سقوط الفاطميّين إلى منطقة نفوذ صلاح الدِّين الأيّوبي، كما يجب أن لا ننسى أنّه لا يمكن أن نرى وثائق للبناء التأريخي الباقي في الجحفة تشير إلى بناء كان يرتبط باهتمام الخلفاء العبّاسيّين لأنّ الفنّ المعماري المستخدم فيه يرجع إلى القرن 3 - 4 ه، وكلّ هذه الآراء تعود إلى بيان شواهد تاريخيّة جغرافيّة تثبت أنّ محلّ مسجد الميقات يبعد عن مركز الجحفة.
وكان هذا الموضوع ماثلاً أمام عيني شهوراً خلال دراستي، وعند مراجعتي لأيّ كتاب في التأريخ والجغرافيا والحديث. . . كنت اُدقِّق في معانيه بكلّ صبر وأناة، عَلّي أجد جواب سؤالي، إلى أن واجهت في دار الغربة - صدفةً - سنداً أحسبُ أنّه يمكن أن يُعدّ دليلاً تأريخياً موثّقاً.
وقد نقل هذا السند محمّد بن عمر الواقدي المتوفّى 207ه في كتاب (المغازي) ، والنصّ العربي له: «فحدّثني أفلح بن حميد عن أبيه عن ابن عمر، قال:
. . . ونزل يوم الجمعة الجحفة، ثمّ راح منها فصلّى في المسجد الذي يُحرم منه مُشرفاً خارجاً من الجحفة. . .» ، إذاً مسجد الميقات بناء كان خارج الجحفة، والدليل