130الخرّار) ، ومن هناك بطرف (وادي الحلق) واتصاله ب (وادي الغائضة) ، فإنّ وجود مثل هذا البناء العالي من القرون الماضية، يشير إلى مركزيّة، أي وادٍ في الجحفة؟ وهل هو سوى أن يُعيّن بدقّة محلّ تجمّع أهالي الجحفة، في تقاطع هذه الأودية؟ وإذا كان كذلك، فيجب أن يكون محلّ الميقات أبعد من مركز بلدة الجحفة.
اسمحوا لي أن ندرس الموضوع بكلّ صبر، ونراعي الأمانة في الاستناد إلى المصادر، لنستطيع فهم الإبهامات التأريخية لموقعيّة محلّ غدير خمّ، ونجد الأجوبة التأريخية لذلك.
إنّ بقايا البناء التاريخي بجدرانه المرتفعة إلى 8م وطوله البالغ 33م والذي مبلغ مجموع مساحته 1089م، لا يمكن أن يكون - في مجتمع قليل الأفراد مثل الجحفة في القرن 3، 4ه - حصناً عسكرياً فقط، ويجب أن يُرى كقلعة يعيش فيها أهل الجحفة، وكان الحجّاج والمعتمرون المصريّون والمغاربة، يُستضافون فيه، ليُعدّ لهم عدّة سفرهم من ميقات الجحفة إلى مكّة.
ومثل اختيار هذا الرأي عن الجغرافيّة التأريخية للجحفة، يوافق قول (الإمام الحربي) الذي كان يعيش في أواخر القرن الثالث، حيث كتب: «الجحفة. . . عليها حصن وبابان، والمنازل والسوق داخل الحصن» 1.
وسألت نفسي: لماذا بُني مثل هذه القلعة على مسافة تبلغ 4 / 5كم من مسجد ميقات الجحفة؟ ! وصرت أبحث حتّى وصلت إلى مصدر تأريخي جغرافي، وذلك هو قول البكري الأندلسي، حيث كتب: «وفي أوّل الجحفة مسجد النبيّ صلّى اللّٰه عليه [ وآله ] وسلّم، به موضع يقال له عَزوَر» 2.