84حياتهم لحكم العالم ولرفرفت راياته على ربوع الأرض ولو كره المشركون.
فإنّ الإنسان الضائع والبشرية التائهة، تجد انشودتها وسعادتها في هذا الدين، فهو يتكفّل سعادة الإنسان في داري الدنيا والآخرة.
فالحجّ يمثّل بوضوح عزّ الإسلام وبقاءه وسلطانه وكرامة المسلمين وشرفهم، فليس لاُمّة وملّة من الاُمم والملل مثل هذا المؤتمر العالمي العظيم والمشهد السنوي الكبير الحافل بالخيرات والبركات؛ ليشهدوا منافع لهم، ليجتمع فيه المسلمون من شرق الأرض وغربها على اختلاف جنسيّاتهم وطوائفهم وأشكالهم وألوانهم ولغاتهم، ولا يتميز غنيّهم عن فقيرهم ورئيسهم عن مرؤوسهم، كل واحد منهم اتزر برداء وارتدى بآخر؛ ليلبّي دعوة اللّٰه التي يدوي صداها عبر الأحقاب والأجيال من شيخ الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام في قوله تعالى: وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ 1.
فالحج فلاح وصلاح، وقد أفلح من أقامه ورفع بنيانه كما أمر الشارع به، وإنّما ركّز القرآن الكريم ورسول اللّٰه الأعظم صلى الله عليه و آله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام على الحجّ؛ لما فيه من المغزى والمعنى الملكوتي، وأنّه يحتوي على كثير من العبادات والفضائل الأخلاقيّة والخير والإحسان الاجتماعي والثواب الأخروي، فإنّه من بين أركان الإسلام ومبانيه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين فيه.
قالالنبيّ صلى الله عليه و آله: «منمات ولميحجّ، فليمتإنشاء يهوديّاً، وإنشاء نصرانيّاً» 2.
فالحجّ نقلة اجتماعية ورحلة جماهيريّة يتّجه فيها الناس من كل صوب ومكان لأداء فريضة إلهيّة واجبة، في مكان مقدّس واحد هو أشرف بقاع الأرض مكّة المكّرمة، وفي زمان واحد من الأشهر الحرم وهو ذو الحجّة المبارك، ليمارسوا