246فإنّ عِلْمَ (حدود الحرم الشريف) - والكلام للمؤلف - من العلوم، التي لم تكتب كتابة مستقلة، ولم تدوّن منذ أوّل وجودها على الأرض تدويناً قائماً بذاته، إلى يوم الناس هذا، فقد كان هذا العلم يؤخذ مشافهةً من أصحابه إذا احتيج إليه. . . ولهذا بقي غالب هذا العلم في صدور الرجال حتى الساعة 1.
ومن هذا نالت هذه الدراسة القيّمة أهمية كبيرة وهو ما ذكرناه عنها في القسم الأوّل من تعريفنا لهذا الكتاب.
2) حدود الحرم هي المداخل المؤدية إلى مكّة، لا التي تحيط به إحاطة السوار بالمعصم، وهذه المداخل هي التي يريدها مؤرخو مكّة وغيرهم، وكانوا يطلقونها على مواضع حدّ الحرم على الطرق المؤدية إلى مكّة، وكان عددها ستة مداخل، كما في زمن الأزرقي والفاكهي، واختفى منها اثنان في عهد الفاسي، وبها انحصر علم حدود الحرم.
3) تحديد حدود الحرم ووجود الأعلام، إنّما هو أمر توقيفي وضعها إبراهيم عليه السلام بدلالة جبريل عليه السلام ولا اجتهاد فيه.
والذين جدّدوا هذه الأعلام، لم يكن عملهم يتجاوز ذلك التجديد إلى تقديم مواضعها أو تأخيرها.
4) تجديد الأعلام والعناية بها، كان يعدّ من أعظم المهمّات وأشرفها، وما إن وطأت قدما رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أرض مكّة فاتحاً لها، حتى أمر أصحابه بتجديد الأعلام، على ضيق وقته الذي قضاه في مكّة وكثرة مشاغله ومسؤولياته، وعلى هذا سار غيره من الذين جاؤوا من بعده صلى الله عليه و آله.
5) منذ اثني عشر قرناً ونصف، لم تجدّد أعلام الحرم الواقعة على الجبال، أي منذ سنة 160 ه، في عهد الخليفة المهدي العباسي.