57أمّا الدكتور عبد الملك، فمع أنّه كان مكثراً في أعماله وانتاجاته، لكنّها لم تكن علىٰ حساب أمانته العلمية ودقّتها. . . ولم تزلّ به قدم، ولم يتحامل على الآخر، وليس في هذا المجال فقط. بل كان مخلصاً أيضاً فيما تولّاه من مناصب إدارية وعلمية أتاحت له خدمة أهدافه وآماله، التي هي الاُخرى تنصبّ في خدمة ديننا الإسلامي الحنيف وتراثنا القيّم.
ومعالم شخصيته بدت لا من خلال ما كتبه فقط، بل من خلال مواقفه الرصينة، أيضاً، فتراه - مثلاً - مع أنّه حنبلي المذهب بل من علمائه، إلّاأنّ بحثه عن الحقيقة يشكّل في حياته مراده الأوّل وهدفه الأسمى من أي لسان صدرت ومن أيّ جهة انبثقت، بعيداً عن التحامل والتعصّب الأعمى.
وهذا ما جعله ينصف الآخرين من مذاهب أخرى، ويدافع ويدرأ عنهم ما يثيره الآخرون من شبهات واتّهامات، فتجده - بعد درسٍ وتحقيقٍ - ينأى عن الأفكار الفاسدة والأقلام الحاقدة، وهذا هو شأن الباحث المنصف، والأخلاقية العالية، التي يجب أن يتمتّع بها كلّ من يريد أن يحترم فكره وعقله وقلمه.
فتركت مواقفه هذه وجهوده العلمية وأنشطته الاُخرى بصمات واضحة نتلمّس من خلالها منهجاً علميّاً دقيقاً تحلّت به هذه الأنشطة وتلك الخدمات، ومن يريد معرفة الرجل، فليرجع وليحتكم إلى ما تفضّلت به يداه في كلّ الموارد التي توفّر عليها بوعي وبصيرة.
وختاماً وقبل أن نتحدّث عن نسب الرجل واُسرته، وأنشطته وجهوده العلمية، وما توفّرت المكتبة الإسلامية عليه من مؤلّفاته وآثاره حتّى غدت زاهيةً بما خطّته أنامله، وما أفاءه علينا من معرفة جمّة وعلمٍ غزير.
ألخص قولي فيه - فقد عرفته من خلال كتبه، وممّا سمعته عنه - أنّ هذا الرجل عرف في الأوساط العلمية وأوساط المؤرِّخين بحذاقته، وبدماثة