42رمي الجمرات هو الأعمدة، بل إنّ الشواهد تبيّن بوضوح أنّ الأعمدة لم يكن لها في العصور السابقة من وجود، ولم يكن إلّاهذا الموضع الذي تجتمع فيه الحصىٰ.
* * *
إنّ هذه الفتاوىٰ التي أوردنا نماذج متعدّدة منها إنّما تنادي بأعلىٰ صوتها قائلة:
إنّ الجمرة لم تكن علىٰ شكل عمود، بل كانت هذه النُّقرة هي التي يُرمىٰ فيها الحصىٰ.
ويُلاحظ في كلام مشاهير فقهاء العامّة والخاصّة وفرة تعابير مثل «على الجمرة» و «في الجمرة» و «في المرمىٰ» ممّا يطول نقله. وفي هذه التعابير ما يؤيّد تأييداً جليّاً أنّ الجمرة لم تكن بمعنى العمود، كما صار في العصور المتأخّرة، بل إنّها هذه القطعة من الأرض التي يُرمىٰ فيها الحصىٰ، ذلك أنّ تعبير «في الجمرة» أو «على الجمرة» إنّما يناسب قطعة الأرض هذه، لا الأعمدة (فلاحِظ) .
تذكرتان لازمتان
1 - يبدو أنّ بناء العمود الحاضر لم يكن له وجود مطلقاً في زمان قدماء الأصحاب؛ فإنّ عبارة «المبسوط» 1تدلّ بوضوح على عدم وجوده. وما لدينا من كلام يحيى بن سعيد الحلّي في «الجامع للشرائع» يشهد أيضاً لهذا المعنى بجلاء، فإنّه يقول: «ولا تقف على الجمرة» 2.
ومن المتيقّن أن لو كانت الجمرة عموداً، لكان الوقوف عليه أمراً مضحكاً، بل إنّ المراد أن لا تقف على طرف النُّقرة أو على مجتمع الحصى؛ ذلك أنّ بعض الفقهاء يَرَون أنّه يمكن الوقوف في طرف منها ورمي الطرف الآخر، لكنّ بعضهم يَرَون هذا غير جائز.