46وقد لاحظ عالمٌ هنديّ كان حاضراً بمكّة أثناء البيعة أنّ ابن سعود حلّ مسألة المشروعية بأخذ البيعة لنفسه على الحكم بالكتاب والسنّة، وبذلك تضاءل الهمّ الذي كان يحرِّك علماء آخرين للبحث عن خليفة من أجل استعادة المشروعية التاريخية (32) .
وعندما انعقد المؤتمر في النهاية كان الحاضرون من العلماء والرسميّين أكثر وأكبر تمثيلاً من مؤتمري الشريف حسين والقاهرة. وقد حضر ممثّلون لعدّة دول إسلامية من ضمنها مصر - التي كان مليكها يسعى للخلافة - لاطمئنانهم إلى أنّ الملك عبد العزيز لا يريد منافستهم على ذلك اللقب الذي استنفد أغراضه منذ زمن.
وقد تحدّث عدّة موفَدين فعلاً في الخلافة وشروطها، وفي طرائق العناية بالحرمين.
واقترح بعضهم ترشيح الملك عبد العزيز للمنصب أو بالأحرى للّقب.
وعندما تطرّق البحث إلى التضامن الإسلامي ومقتضياته حدث خلافٌ كبير. فالهنود والجاويّون والسودانيّون كانوا وما يزالون مهتمّين بالتعاون الإسلامي العامّ، وبإيجاد هيئة للعناية بذلك.
أمّا العرب فقد صاروا أحزاباً كلّ فريق مرتبط بهذه السلطة أو تلك من الدول التي قامت بعد الحرب في الأقطار المختلفة.
وكان السيّد رشيد رضا والأمير شكيب أرسلان، اللّذان اختلفا حول نصرة الدولة العثمانية في الحرب وبعدها، قد عادا للاتّفاق حول دعم الملك عبد العزيز باعتباره الأكثر استقلالاً ومشروعيةً في عالم الإسلام آنذاك. وقد أُنشئت للمؤتمر سكرتيرية تعمل لعقده سنوياً، لكنّه لم يعُدْ للانعقاد. والأمير شكيب أرسلان، الذي كان سكرتيراً عاماً للمؤتمر عام 1929م طاف بالحجاز ذلك العام، ونشر مذكّراته الطريفة حوله تحت عنوان:
(الارتسامات اللطاف) (33) ، دونأن يذكر شيئاً عن مصائر مؤتمر العالم الإسلامي، لكنّ الملك عبد العزيز - الذي لم يحضر أكثر جلسات مؤتمر العام 1926م لكي يتيح للحاضرين أن يتناقشوا بحرية -