43إسلامية يدور الخلاف حول وسائل تحقيقها بالمؤتمرات أو بغيرها؛ لذلك علينا هنا أن نقف وقفةً قصيرةً لإعادة قراءة المشروع العالمي الإسلامي ومآلاته في العشرينيات، قبل العودة لاستعراض وقائع المؤتمرين بمكّة عام 1924 و1926م، واللذين أظهرا وصول المشروع إلى مأزق، وليس فكرة المؤتمر بحدّ ذاتها.
لماذا جرى التفكير بالمؤتمر وبمكّة في الأصل؟
لقد سبق ذكر الرأي القائل: إنّ فكرة المؤتمر، وعقده بمكّة، عَنَتا تمرّداً على العثمانيّين. وقد رجّحت أنّ ذلك غير صحيح، فالشخصيتان اللّتان اقترحتاه، إحداهما تركية، والاُخرى جمال الدين الأفغاني. والاُولى كانت في اسطنبول، والثانية انتهت في اسطنبول.
ولهذا فالمرجّح أنّ مشروع النهضويّين؛ أصحاب فكرة المؤتمر إنّما كان يريد إصلاح اُمور المسلمين لتقوية جانبهم في مواجهة الاستعمار، ومتابعة الإصلاحات التي أوقفها عبد الحميد الثاني للغرض نفسه.
وقد ذكروا هذه الأسباب لعقد المؤتمر أو المؤتمرات، كما أوضحوا أسباب اختيارهم لمكّة، والتي لا تخرج عن ثلاثة اُمور:
ارتباط المسلمين دينيّاً بها.
وبُعدها عن تأثيرات القوى الأجنبية.
وإمكان التقاء كبار المسلمين من داخل الدولة العثمانية وخارجها سنوياً في رحابها.
وحدثت تطوّرات في مطلع القرن العشرين وعقده الأوّل، عدّلت من معالم المشروع العالمي الإسلامي لدى الإصلاحيّين: يأس بعض الإصلاحيّين مثل الأمير صباح الدين (1877 - 1948م) ، وعبد الرحمن الكواكبي من التأثير على عبد الحميد باتجاه الإصلاح بحيث رأى الأمير صباح الدين (ابن أخ عبد الحميد) ضرورة إسقاطه (27) .
وبحيث رأى الكواكبي ضرورة فصل الخلافة عن السلطنة، وإقامة خليفة عربي بمكّة له سلطاتٌ روحية، ورأيٌ (من خلال الجمعية أو المؤتمر السنوي) في الشؤون العامّة والكبرى.