40ثلاث سنوات لا تتجاوز سلطاته السياسية منطقة الحجاز. أمّا بقيّة البلدان الإسلامية فتستقلّ بأمرها السياسي والإداري وترعى أمورها الكبرى من خلال الجامعة الإسلامية ومؤتمرها العام الذي يترأسه الخليفة بمكّة (22) .
وعلى الرغم من راديكالية الحلّ السياسي الذي يطرحه، فلا شكّ أنّ مقترحات الكواكبي للاجتهاد والتجديد الديني تظلّ الأكثر لفتاً للانتباه. وهناك شَبَهٌ شديد بين تلك الآراء وما كانت عبّرت عنه المنار، بل و «العروة الوثقى» من قبل. لكن إذا كانت رسالة «اُمّ القرى» هي التعبير الأوضح عن أفكار الإصلاح الإسلامي؛ فإنّها من ناحية ثانية أفصحت عن الوعي الجديد لنُخَبٍ عربية ما عادت تعتبر الوجود العثماني قادراً على حلّ مشكلات شعوب الامبراطورية، أو تحقيق طموحاتها.
أمّا البديل الرمزي للسلطان ولاسطنبول لدى النُخب أو بعض أفرادها فالقائد العربي الذي ينطلق من مكّة أو يعود إليها فاتحاً كما فعل رسول اللّٰه صلى الله عليه و سلم؛ ليصبح موسم الحجّ في كلّ عام البيئة التي يجري فيها التشاور، وتحديد المشكلات، واتخاذ القرارات التي تُهمُّ سائر المسلمين.
أسهمت كتابات الكواكبي في «طبائع الاستبداد» ومن خلال فكرة المؤتمر في «اُمّ القرى» في دفع رهان الإصلاحيّين المسلمين على الشورى والدستور إلى الأمام.
وبذلك لم تعدّ الصورة عن الإسلام التقليدي الداعم للاستبداد الحميدي صحيحة. بيد أنّ وفاة محمّد عبده عام 1905م، أفقدت الإصلاحيّين قيادتهم العامّة المُطلّة على سائر أجزاء ديار الإسلام؛ بحيث بدا دُعاة الإصلاح والمعارضة لاستبداد السلطنة جماعةً شاميّةً سلفيةً ذات عصبيةٍ عربيةٍ محلّية تذكّر بما كان يدعو إليه بلنت في ثمانينيات القرن التاسع عشر.
وقد ظهر ذلك واضحاً في ردّة فعل رشيد رضا على اقتراح صحافي ومؤلّف تتري اسمه غاسبرنسكي iiksnirpsaG (1851- 1914م) عقد «مؤتمر إسلامي عام» بالقاهرة، من