30
فكرة المؤتمر المكّي
رضوان السيّد
يصف محمد أسد، اليهودي النمساوي الذي اعتنق الإسلام، سعادته بالدخول إلى مكّة؛ لأداء فريضة الحجّ عام 1927، على النحو التالي: «. . ونتابع ركوبنا، هاجمين طائرين فوق السهل، ويخيَّلُ إلي أنّنا طائرون مع الريح، منغمسون في سعادةٍ لا تعرف نهايةً ولا حدوداً. . . وتزعقُ الريحُ في اُذني بنشيد النصر: إنّك لن تكون غريباً بعد الآن، أبداً، أبداً! اخوانٌ لي عن اليمين، واخوانٌ لي عن اليسار، كلّهم لا أعرفهم، ولكنّ أحداً ليس غريباً عنّي؛ فنحن في فرحة سياقنا المضطربة جسمٌ واحدٌ يسعى إلى هدفٍ واحد.
إنّ العالمَ أمامنا لَفَسيحٌ، وفي قلوبنا تتألّق شرارةٌ من النار التي اشتعلت في قلوب صحابة النبي. إنّهم يعرفون، إخواني عن يميني وإخواني عن يساري، إنّهم قد قصّروا عمّا كان يُنتظرُ منهم، وأنّ (عَزَمات) قلوبهم قد تضاءلت عبر القرون. لكنّ وعد اللّٰه الحقّ لم يُنتزعْ منهم. . . ووسط الضوضاء التي تُصِمُّ الآذان من خطوات الاُلوف من الإبل المندفعة، والمئات من البيارق المصفِّقة، تنمو صرختُهم إلى زمجرةٍ منتشيةٍ ظاهرة: اللّٰه أكبر! لبّيك اللّهمَّ لبّيك» ! (1) .
ولاشكّ أنّ هذه المشاعر القويّة تجاه اُمّ القرى، والحجّ إلى بيتها الحرام؛ كانت