124وكذلك (الاستجارة) ، و (الندبة) ، ونحوهما، فإن كانت على الطور المعهود، كقوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ 1، فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ 2فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ 3، فلا محيص عن القول بجوازه. فتفاوت العبارات باختلاف النيّات.
فمن كان داعياً دعاء الأصنام وسائر الأرباب، أو مستغيثاً كذلك، فهو كافر مشرك. وإن أراد المُتَعارف بين سائر الناس، فليس به بأس.
فبحقِّ مَنْ شقَّ سمعك وبصرك، أن تُمْعِن في هذا المقام نظرَك، وتُصفِّي نفسك عن حبّ الانفراد، كما يلزمنا التخلية عن حبّ متابعة الآباء والأجداد.
ولا فرق بين الأحياء والأموات؛ لأنّ من استغاث بالمخلوق أو استجار على أنّه فاعلٌ مختار، فقد دخل في أقسام الكفر، فالاستغاثة بعيسى أو بمريم، حيّين أو ميّتين، تقع على القسمين.
واعتقاد أنّ الميّت يسمع أو لا يسمع، ليس من عقائد الدين التي تجب معرفتها على المسلمين، فمن اعتقدَها: فإمّا أن يكون مصيباً مأجوراً، أو مخطئاً معذوراً.
ومن ذلك القبيل الألفاظ التي تفيد الرجاء، والتوكّل، والاعتماد، والتعويل، والالتجاء، والاستعانة بغير اللّٰه، فإنّ هذه العبارات لو بُني على ظاهرها لم يبقَ في الدُّنيا مسلمٌ، إذْ لا يخلو أحدٌ من الاستعانة على الأعداء، والاعتماد على الأصدقاء، والالتجاء إلى الاُمراء، ونحو ذلك.
إلّا أنّه إن قصد الملتجأ إليه والمعوّل عليه من المخلوقين له اختيارٌ وتدبيرٌ في العالم لنفسه لا عن أمر اللّٰه، فذلك كفرٌ باللّٰه، وإلّا فلا بأس.
وممّا يناسب نقله في هذا المقام ما نقله القتيبي، قال: كنت جالساً عند قبر