116ثمّ إنّي أعلم واللّٰه أنّك لو وضعت منادياً ينادي في بلاد الإسلام، ويُعلن بصوته في كلّ مقام، ليجد شخصاً يُعَدُّ من نوع الإنسان يقصد بنذره غير وجه الملك الديّان، لرجع إليك صفر اليدين، ولم يجد ناذراً للنبيّ صلى الله عليه و آله، أو الصحابة، أو الحسنين عليهما السلام.
وكيف يقصدونهم بنذورهم وعباداتهم مع علمهم بمماتهم؟ وإذا دخلوا إلى مواضع قبورهم قرأوا لهم القرآن، وأهدوا إليهم من صلاتهم بعض ما كان، ودعوا لهم برفعة الدرجات، وزيادة الأجر عند ربّ السماوات، فإن كانوا معبودين باعتقادهم، فكيف يهدون إليهم عبادة العبيد؟ !
ليتَ شعري كم من الفرق بين مَن يَعبدُ ليُقرَّب إلى اللّٰه زُلفى، وبين من يُعْبَدُ اللّٰه عنه ليُقرِّبه اللّٰه زُلفى.
واللّٰه ما نُذِرتْ نذور، ولا جُزِرَتْ جزور، ممّن يتّصف بالايمان، ويقرُّ بالشهادتين بالقلب واللسان، إلّالوجه الملك الديّان، وطلباً لرضا الواحد المنّان.
فمن كانت هذه مقاصدهم، وعلى ذلك بنوا قواعدهم، كيف ينسبون إلى عبادة غير اللّٰه، ويُشَبَّهُون بعبدة الأصنام المُثْبِتين شريكاً للملك العلّام؟ !
ليتَ شعري لو أنّ الرُّسل جاءت بالسجود للأحجار، أو لبعض الكواكب والأشجار، لم يكن ذلك السجود إلّاعبادة للملك الجبّار؛ لأنّ الطاعة للآمر لا لمن يكون له في ذلك الاظهار.
ولو أنّ الناظر لصور الكواكب وهيئة الأفلاك، تدبّرها تفكُّراً في عظمة الخالق، وسجد، كان عابداً لمدبِّرها.
ثمّ ليس المراد بالعبادة مجرّد الخضوع والتذلّل، كما هو المعنى القديم، بل يُراد معنى جديد، وهو التذلُّل الخاصّ، على شرط أن يكون في كمال الصفاء والإخلاص.
وعلى فرض أن يصدر من بعض أعوام المسلمين؛ لعدم قربهم من محالّ