110اعلم أنّ الألفاظ اللغوية والعُرفية العامّة، قد تبقى على حالها من المعاني القديمة، فتلك لا تحتاج إلى بيان، سواءً وردت في السنّة أو القرآن.
وأمّا إذا نُقلتْ عن المعاني الأوّلية إلى غيرها، أو استُعمِلت في المعاني الثانوية على وجه المجازية، فهي من المجمل المحتاج إلى البيان، كلفظ الصلاة والصيام والحجّ، فإنّه لو لم يبيّنها الشرع لبقيت على إجمالها، حيث لا يراد منها مطلق الدعاء والإمساك والقصد، بل معنى جديد، تتوقّف معرفته على بيان وتحديد.
ومن هذا القبيل ما نحن فيه من لفظ العبادة والدعاء ونحوهما، فإنّه لا يراد بهما في لحوق الشرك بهما المعنى القديم، وإلّا للزم كفر الناس من يوم آدم إلى يومنا هذا؛ لأنّ العبادة بمعنى الطاعة، والدعاء بمعنى النداء والاستغاثة للمخلوق لا يخلو منها أحد.
ومن أطوع من العبد لسيِّده، والزوجة لزوجها، والرعية لملوكها، ولا زالوا ينادونهم، ويطلبون إعانتهم ومساعدتهم، بل الرؤساء لم يزالوا يستغيثون بجنودهم وأتباعهم ويندبونهم.
فعُلِمَ أنّه لا يُراد بهذه المذكورات، المعاني السابقات، وتعيَّن إرادة المعاني الجديدة، فصارت بذلك من المجملات والمتشابهات، فلا يجوز الحكم بمقتضاها، إلّا في الموضع المعلوم دون المشكوك والموهوم.
وإنّما هو خطاب الوضيع لمن شأنه رفيع، على أن يكون مالك التصرّف، أو خدمته الخاصّة لرفعته الذاتية، وشرافته الأصلية، من دون أمر آمر، ولا تكليف مكلّف، بل من مجرّد الابتداع والاختراع.
وأمّا ما كان عن أمر آمر، فالمعبود هو الآمر، ولا فرق بين أن يقول: ضع جبهتك في الصلاة على الأرض، أو على بدن إنسان، أو غير ذلك، وبين أن يقول:
ضعها على (قبر) كذا، أو (حجر) كذا.
وإنّما كُفِّرَ عبدةُ الأصنام؛ لأنّهم فعلوا ما يُعدُّ عبادةً من دون أمر اللّٰه، ولأنّهم