87الشرطيّة المتقدّمة، بل إنّ بعضاً من الذين ذهبوا إلى نفي الشرطيّة قد صرّحوا بلزوم إيقاع الطواف داخل المسجد كما تقدّم فلا نعيد، أمّا على مستوى الفقه السنّي فقد تقدّم أيضاً التصريح بذلك بشكلٍ واضحٍ وإن لم يذهب هذا الفقه إلى الشرطية المتقدّمة عند الفقه الشيعي.
وعلى أيّ حالٍ فإنّ أهمّ ما يمكن ذكره كأدلّةٍ لهذا الشرط اُمور هي:
الوجه الأوّل: ما تقدّم ذكره عن ابن عابدين من أنّ الطواف خارج المسجد غير جائز؛ لأنّه طوافٌ بالمسجد لا بالبيت، وهذا معناه عدم تحقّق الطواف الواجب الذي هو الطواف بالبيت 1.
إلّا أنّه يمكن المناقشة بأنّ كون الطواف في هذه الصورة كائناً بالمسجد لا يُلغي في حدّ ذاته كونه حاصلاً بالنسبة إلى البيت أيضاً ما لم يمنع العرف عنه، ويمكن تصوّر عدم المنع العرفي في حالة هدم المسجد كلّياً والطواف في فلاةٍ، فإنّ العرف في هذه الحالة وإن كان يقبل كون هذا الطواف طوافاً بأرض البيت إلّاأنّه لا يمنع من صدق عنوان الطواف بالبيت عليه، لا سيّما لو بنينا على البيت القديم لا التوسعة الحاصلة عبر الأيّام، وهذا معناه أنّ الملاك في تحديد عنوان الطواف بالشيء هو العرف، وحكم العرف قابلٌ للتغيّر هنا بتغيّر الحالات الطارئة.
والذي يبدو أنّ ابن عابدين كان ينظر إلى الموقف العرفي في الحالات الطبيعيّة، ولعلّه لو قدّمت له صورة اُخرى غير الحالة المتعارفة لقبِل بها.
الوجه الثاني: ما ذكره الدكتور وهبة الزحيلي عن الشافعية من التمسّك بدليل الاتباع والتأسّي، وهو ما يمكن استنتاجه من كلمات ابن حزم الأندلسي من أنّ البعد - وهو يشمل ما نحن فيه - عملٌ بخلاف فعل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وبالتالي فهو غير جائز، وقد تقدّمت كلماتهما آنفاً.
إلّا أنّ هذا الوجه قابل للتأمّل وذلك:
أوّلاً: أنّ الاقتراب من البيت هو مقتضى الأداء الطبيعي للطواف بالبيت