74
أ - المسألة على ضوء الفقه الشيعي
ذهب مشهور الفقهاء من الإمامية 1إلى ضرورة كون الطواف الواجب بين البيت ومقام إبراهيم عليه السلام، بل ادّعى بعض الفقهاء الإجماع عليه كما في غنية النزوع 2، وإن كانت عبارة الفيض الكاشاني تفيد عدم جزمه إن لم نقل جزمه بعدم انعقاد إجماعٍ؛ لأنّه عبّر «بل كاد يكون إجماعاً» 3، بل في جامع المدارك أنّ مضمون خبر ابن مسلم الآتي متّفقٌ عليه بين المسلمين علماً وعملاً ولعلّ كلامه شاملٌ للحكم هنا 4.
وفي قبال هذا الرأي المشهور 5أو الأشهر على حدّ تعبير صاحب الحدائق 6هناك قولان آخران هما:
القول الأوّل: ما ذهب إليه ابن الجنيد كما نقل عنه العلّامة في المختلف 7، وهو منسوبٌ أيضاً إلى الشيخ الصدوق 8، والظاهر أنّ السبب في نسبة هذا القول إليه مع أنّه لم يذكره في المقنع والهداية هو نقله خبر الحلبي الآتي الذي اُستفيد من قبل البعض دلالته على هذا التفصيل في الفقه 9، وفقاً لما تعهّد به في أوّل الكتاب من عدم إيراده إلّاما يراه حجّةً بينه وبين ربّه، وسيأتي أنّ الخبر غير دالّ، ومعه فيحتمل أنّ الصدوق قد فهم منه ما سوف نفهمه منه لاحقاً، وهذا كافٍ في عدم الجزم بنسبة هذا القول إليه.
وعلى أيّة حال فهذا القول يظهر شيءٌ من الميل إليه أيضاً عند الحرّ العاملي والعلّامة الحلّي0 وغيرهم 10، وهو سقوط هذه الشرطية وجواز الطواف خارج المقام عند الضرورة، ولعلّ صاحب هذا القول قد اعتمد على صحيحة الحلبي الآتية كما تشير إليه بعض الكلمات، وإن كانت الصحيحة لا تفيد هذا القول كما سنلاحظ لاحقاً إن شاء اللّٰه تعالى.
والذي يبدو في إطار الفرق بين هذا الرأي وما ذهب إليه المشهور؛ هو أنّ وقوع الطواف بين هذين الحدّين يمثِّل شرطاً لصحّة الطواف بصورةٍ دائمةٍ بحيث إنّه