233اللغات لم يكن الناس يهتمّون بالأخطاء اللغوية في اللفظ أو في نبرة الكلام التي تدلّ على إتقان المصطلحات اللغوية، ولماذا يشكّ ذلك الشعب الفقير بشخصية فقير غريب آخر يحتشد معهم في عالمهم الخاصّ يا ترىٰ؟ 1.
غير أنّ ممارسة هوايته المفضّلة هذه لم تستمر، إذ حالت دونها العوائق؛ لأنّ تقمّص شخصيّة الباعة والنزول إلى الأسواق من دون أن يلاحظه أحد جلبا له المتاعب من قبل مرؤوسيه في الجيش، الذين لم ترق لهم هذه التصرّفات، خصوصاً أنّه أرفقها ذات مرّة باختطاف راهبة، أو بملءِ منزله بالسعادين التي كان يجلسها معه إلى طاولة الطعام.
لكن اختلافه وتآلفه مع شريحة من الشعب، كان معظم زملائه الضبّاط يحتقرونها، سبّب له نوعاً من الازدراء والاحتقار أكثر من الإعجاب من قبل زملائه. فقد كان هؤلاء الضبّاط يتّخذون الخليلات أو الزوجات المؤقّتات من بين أفراد الشعب حولهم، ولكنّهم لم يتنازلوا بفعل أكثر من ذلك.
ولكن بورتون من جهة اُخرى اتّخذ شخصية «الميرزا عبداللّٰه» وهو بائع متجوّل من أصل نصفه فارسي ونصفه عربي؛ ولهذا لا عجب أن نرى «السير تشارلز نايير» الذي أخمد الثورة في السند يعمد إلى استخدام بورتون لمساعدته، بعد أن اكتشف أنّه كان بحاجة إلى معرفة المهارات اللغوية التي تختلف عن المهارة في نشر الجنود وإدارة المعارك. وتلت ذلك خطوة اُخرى وهي إرسال ذلك الشاب في مهمّات سريّة تُظهر النزعات الامبراطورية التوسّعية - كما يقول الباحث البريطاني بيتربرينث - وكانت إحدى المهمّات جمع المعلومات حول الميول الجنسية للسكّان الذكور في المنطقة؛ ولذلك فقد عمد بورتون إلى إصدار تقرير وافٍ شامل عن ذلك الموضوع. وفي أثناء تلك الفترة ترك «نابيير» الهند، ولكن سرعان ما تسرّبت الإشاعات عن تقرير بورتون هذا، ووصلت إلى الرأي العام البريطاني، وهكذا تحطّمت سمعة بورتون على صخرة النطاق البشري.
وبعدها بدأ البريطانيّون الجدد