231مبرز، ترك عند وفاته أكثر من ثمانين كتاباً يصف فيها رحلاته، وما لقي من أخطار.
ومن رحلاته التي خلّدته رحلته إلى مكّة والمدينة، وكشفه عن أسرار قلب جزيرة العرب؛ فقد فضي عنه ثيابه الأوروپية، واستبدلها بملابس مسلم أفغاني في طريقه لأداء فريضة الحجّ، وتسمّىٰ باسم الحاج عبداللّٰه. وقد وصف لنا «بورتون» بدقّة رحلته هذه في كتاب ممتع من جزأين ضخمين هو «الحجّ إلى المدينة ومكّة» [ 1855 - 1856م ] . . وقد عدّه الباحثون من أشهر روّاد قلب جزيرة العرب 1.
فمن هو هذا البريطاني المتأفغن؟ وما هي حكايته؟ وماذا عن طبيعة مهمّته الخاصّة؟
سيرة حياة
يقول الزركلي: «ريتشارد فرنسيس بورتون notruB sicnarF drahciR مستشرق انكليزي رحّالة، ولد في «هرتفورد شاير» (عام 1821) ، وكان والده «جوزيف نيترفيل بورتون» ضابطاً في الجيش البريطاني، وجدّه «ادورد بورتون» قسيساً في آيرلنده» 2.
قيل: إنّ عائلته تنحدر من أصل غجري، أو هكذا قال المؤرِّخون والباحثون، مع أنّ اُمّه تدّعي أنّها تنحدر بصورة غير شرعيّة من سلالة لويس السادس عشر. ومع أنّ والده كان ضابطاً في الجيش، لكنّ الدلائل على «غجريّة» بورتون كثيرة 3ممّا دفع بعض الباحثين إلى التساؤل عن الغموض الذي يكتنف أصل بورتون، بل أنّ سحنته كانت مدعاة لتعزيز التكهّنات المثارة حوله، وقد ساهمت زوجته الليدي بورتون في تعميق ذلك، إذ تميل - وهي التي تتّصف بالرومانسية دوماً - إلى التلميح إلى أنّه كانت تجري في عروق زوجها دماء اُخرى غير الدماء الأوروپية كدماء العرب والقرباط مثلاً، والتي أورثته شهوة التجوال 4.
ثمّة إثارة اُخرى في هذا الاتجاه؛ إذ ما إنْ رأى بورتون النور في العام 1821م، حتّىٰ رمىٰ والده الثياب العسكرية خلفه، وراح يتيه في فرنسا وايطاليا،