226بريطانيا فيكتوريا الممتدّ من 1838- 1901م ] والذي اتّسم بتصعيد وتائر التطلّع الاستعماري، في الغرب عموماً، وفي بريطانيا بشكل خاصّ.
من هنا؛ كان مستشرق القرن التاسع عشر إمّا باحثاً (مختصّاً بالصين، أو بالإسلام، أو بالدراسات الهندو - أوروپية) ، أو متحمّساً موهوباً (مثل هوغو في «الشرقيون» ، وغوته في «الديوان الغربي الشرقي») ، أو كلا هذين (مثل ريتشارد بورتون، ادواردلين، فردرك شليغل) 1، وقد كان بورتون - كرحّالة - مغامراً حقيقيّاً، كما كان - كباحث - قادراً على الوقوف ندّاً لأيّ مستشرق جامعي في أوروپا، وكان - كشخصيته - واعياً وعياً تامّا لضرورة التصادم بينه وبين المعلّمين الرسميّين، الذين أداروا أوروپا والمعرفة الأوروپية بهذه اللاهويّة الدقيقة وتلك الصرامة العلمية. ويشهد كلّ شيء كتبه بورتون، لهذا الاستعداد للصدام، بازدراء لمنافسيه نادراً ما بلغ الدرجة التي بلغها في تمهيده لترجمته لألف ليلة وليلة. ويبدو أنّه قد وجد نوعاً خاصّاً من المتعة الطفولية في إظهار أنّه كان ذا معرفة تفوق معرفة أيّ باحث محترف، وأنّه قد اكتسب تفاصيل تفوق كلّ ما اكتسبوه، وأنّه كان قادراً على التعامل مع المادّة بفطنة وكياسة وطراوة هم عنها عاجزون.
وقد اعتبر بورتون بحقّ الأوّل في سلسلة من الرحّالة الفيكتوريّين إلى الشرق الذين كانوا فرديين بعنف 2. .
وسيكون لتصاعد روح الثقة بالنفس والشعور بالقوّة في أوروپا القرن التاسع عشر مع تقدّم عقود القرن، أثره في نوع الرحالة ومهمّاتهم ومقدار تصميمهم.
وسنجد في هذا العصر رجلاً مثل بورتون يتجوّل في طول الجزيرة وعرضها، غير متورّع عن ارتكاب جريمة القتل بعد شكّ أحد الأهالي بأنّ (الحاج) عبداللّٰه ليس سوىٰ رجل نصراني لا يحسن المعرفة بالإسلام أو اللغة العربية. ولكنّ (الحاج) عبداللّٰه سيعود ليغذّي المخيّلة العربية من خلال أوراقه التي نشرتها زوجته بعد وفاته ومن قصص ألف ليلة وليلة التي ترجمها. كما أنّه سيمهِّد السبيل إلى