217
وصبيحةٌ قد بَشّرتْ بمُحمّدٍ
ولمّا تحدّرنا مِنَ النّصاب، وقَذَفتنا بُطُونُ الأودية مِنْ أفواه الشِّعاب، ولاحَتْ لنا الأنوار النبويّة مِنْ تلك القِباب، وابتدرنا إلى الحرم الشريف، والكريمُ قَد فَتَح الباب، ورَفَع الحِجاب، ومَلأ بالبرّ الرِحاب، فاسْتَعظمنا الإقدام على المُقام، وعَجَزنا عن أداء ما يجبُ من السَّلام، فعبرتُ العبرات عن الكلام، واقتدينا بقاضي قضاة الإسلام 1، في الوقوف بين يدي ساكنه عليه أفضَلُ الصَّلاة والسَّلام، وانتظمنا في زمرته؛ لِنُساهم في قِراهُ، إذْ مِنْ سُنّة الرسول صلى الله عليه و آله إكرام الكرام.
وحينَ فزتُ بكون مع تلك الزُّمرة فوزاً عظيماً، وإنّي دخلتُ مع تلك الفوجة مُدْخَلاً كريماً، وثقتُ بعد الاستغفار بالتوبة والرّحمة لقوله تعالى: ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا اللّٰه واستغفر لهم الرسولُ لوجدوا اللّٰه توّاباً رحيماً 2. وأخذنا في تلاوة القرآن المُنزل عليه في حضرته، وشكَّ 3كلٌّ منّا نفسه جالساً بين يديه، يَعْرِضُ درسه في سورته، ولمّا خَتَمنا التلاوة بالدُّعاء، وأطفأنا؛ بل أضرمنا نيران الشَّوق بماء البُكاء، هنّأنا النفوسَ ببلوغِ المُنى، وزوالِ العَنا، وأنشدتُ مُعْلناً:
بلغتُ مرادي ونِلْتُ المُنى