187الإسلامي الأصيل علىٰ مستوىٰ جميع التحديّات التي يواجهها الفرد أو الأمّة. ولعلّ أحد تعبيرات هذه الحركة الإسلاميّة المتكاملة تدشين العالم الإسلامي بداية جديدة لنشاطه الإبداعي التوحيدي في مجال علوم الإنسان، تعيد مسيرة الفكر الإسلامي إلىٰ نصابها الطبيعي متخطية بذلك حالة الوهن والضعف السابقتين أو حالة المقاومة السلبيّة - رغم أهمّيتها الكبيرة في فترة الهزيمة - إلىٰ حالة من النموّ والتفتّح الإيجابي الذي ينسج يوماً بعد يوم مزيداً من خيوط الانعتاق والحريّة حول محور التوحيد ومحور الإسلام. ثمّ ليتقدّم بعد ذلك معلناً الخروج على الفلسفات الوثنيّة المعاصرة مفنّداً إيّاها، مظهراً تناقضاتها متجاوزاً إيّاها تجاوزاً توحيديّاً خالصاً.
إنّ تثبيت الحالة الإسلاميّة والارتقاء بها إلىٰ مستوى الأمّة، يضع بين أيدي الجيل الذي نحن منه كثيراً من الخبرات الفكريّة التي تحثّنا للعمل علىٰ بلورة آفاق عملنا الفكري بمايتناسب ويواكب حركة الأمّة ونهضتها المباركة.
وليس ما يمنعنا من أن ننكبَّ على دراسة الحالة الاسلاميّة الضاجّة بالحياة، هادفين إلى الإسهام ولو بنصيب في عمليّة تحرير الشخصيّة الفكريّة للأمّة الإسلاميّة من قيود الفكر الوثني المعاصر علىٰ هدىٰ خطّ التوحيد والعدل، خطّ العبوديّة للّٰهوالخروج علىٰ طواغيت العصر.
إنّ السموم والآفات والاختلالات المختلفة التي زرعتها الفلسفات الغربيّة المعاصرة سواء كانت ليبراليّة أم قوميّة اشتراكيّة أم شيوعيّة في جنبات الأمّة الإسلاميّة، لا بدّ أن تتعمّق وتتركّز مواجهتنا لها ليس على المستوى العقائدي والفلسفي فقط، بل أيضاً علىٰ مستوىٰ تعبيرات حركة الأمّة ونهضتها في معاقل العلوم الإنسانيّة المختلفة وتفاصيل أبنيتها الجزئيّة كي نحكم المعركة باتّجاهين:
الأوّل: سدّ جميع الثغرات حتّى التفصيليّة منها، والتي يمكن أن تشكّل أماكن تسرب لوحوش الوثنيّة المعاصرة.