151وثانيهما؛ أن ينادي بصفاته، أو مكانه، أو خدمه.
وثانيهما أقربُ إلى الأدب، وأرغب لطباع أرباب الرُتب، فلا يكون المستغيث ببيت اللّٰه، أو بصفات اللّٰه، أو برسل اللّٰه، أو المقرّبين عند اللّٰه، إلّا مستغيثاً باللّٰه؛ فكلّما دعا مخلوقاً مقرّباً عند اللّٰه، أو استغاث به قاصداً بحسن التعبير الاستغاثة باللطيف الخبير، فليس عليه بأسٌ في ذلك، بل هو سالكٌ في الآداب أحسن المسالك.
وكذلك من أسند تلك الأشياء لمجرّد الربط الصوري، لا على قصد التأثير الحقيقي، كما يقال: «أنبتَ الربيعُ البقل» ، والمُنْبِتُ هو اللّٰه، و «بنى الأميرُ القصرَ» ، والباني ظاهراً بناه 1.
فإطلاق (السيّد) و (المالك) على غير اللّٰه، «وإضافة (العبد) و (المملوك) في الأحرار إلى غير اللّٰه» 2، إن اُريد بها الملكية الحقيقيّة، كان خروجاً عن الطريقة الشرعية، وإلّا لم يكن في ذلك بأسٌ بالكلّية.
ولهذا ورد في الأخبار النبويّة إطلاق (السيّد) على غير اللّٰه.
روى أبو هريرة 3عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة 4.
وعن أبي سعيد الخدري 5عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة 6.
وعن عليّ عليه السلام، عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال:
أبو بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة 7.
وعن فاطمة عليها السلام: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أخبرني أنّي سيّدة نساء العالمين، رواه الترمذي 8.
وروى أبو نعيم الحافظ، قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: اِدعوا لي سيّد العرب عليّاً.
وفي حلية الأولياء أنّه قال النبيّ صلى الله عليه و آله لعليّ: مرحباً بسيّد المؤمنين 9.
وعن أبي بكرة عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال للحسن: إبني هذا سيّد 10.
وعن عائشة 11عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه سار ابنته الزهراء، فقال لها: أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين، أو نساء المؤمنين 12؟
وروي ذلك عن الصحابة أيضاً، فعن جابر 13أنّ عمر كان يقول: أبو بكر سيّدنا، وأعتقَ سيّدنا، (يعني: بلالاً) ،