5إنّ ممّا يجب أن نأسف له أن أيادي الغدر والخيانة لم تمنح شخصية الإمام علي عليه السلام الفرصة لتتبلور وتظهر إلى حيّز الوجود بأبعادها المختلفة وزواياها المتعددة؛ بسبب ما افتعلته تلك الأيدي من حروب ومعارك خلال فترة خلافته القصيرة. إن لشخصية الإمام علي عليه السلام أبعاداً ليست لغيره فشخصيته تجمع صفات وخصائص خلقت منه شخصيّةً ربّانيّة وإذا قدر للصفات الربّانيّة أن تتجلّىٰ في شخصٍ فإنّ علياً كان مظهراً لها كلّ ذلك بفضل رسول اللّٰه الأكرم صلى الله عليه و آله. وما خفي من صفات تلك الشخصية وأبعادها، كان أعظم ممّا ظهر منها. إن ما تعرفت عليه البشريّة وستتعرّف عليه من صفات وأبعاد متناقضة ومتضادة كلّها تجمّعت في رجل واحد، ألا وهو أمير المؤمنين علي عليه السلام، الزاهد العابد والمقاتل المجاهد. . . ، وهي صفات لا يمكن اجتماعها في رجلٍ واحد، فالزاهد لا يستطيع بطبيعة الحال أن يكون محارباً أو مقاتلاً صنديداً، والعكس صحيح. فمع كون علي بن أبيطالب عليه السلام كان قوي الساعدين شديد البنية قويّ الجسم، لكنه كان يعيش في زهد وقناعة كاملتين في مأكله ومشربه وطريقة معيشته، وفي الوقت الذي كان فيه يمتلك من