284«وهذا بيت استعبد اللّٰه به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم علىٰ تعظيمه وزيارته، وقد جعله محلّ الأنبياء وقبلة المصلّين، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدِّي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجتمع العظمة والجلال. .» 1.
فقد أكّد الإمام في المقطع الأوّل من جوابه علىٰ مدىٰ ضلال تلك النظرة، وعمىٰ قلب صاحبها، ممّا تجعله يستوخم الحقّ، ولا يدرك مدىٰ دلالات وإيحاءات تلك المناسك المشحونة بالدلالات والإيحاءات.
وأعطى في المقطع الثاني بعضاً منها، كان أوّلها استعباد اللّٰه خلقه بهذا البيت «ليختبر طاعتهم في إتيانه» .
وهكذا نلتقي بمقصد الابتلاء والاختبار الذي أكّدته خطبة القاصعة: «ألا ترون أنَّ اللّٰه سبحانه اختبر الأوّلين من لدن آدم - صلوات اللّٰه عليه - إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضرّ ولا تنفع. . .» .
الحجر الأسود: تجديد العهد والميثاق
لا يتصورنَّ أحدٌ أنَّ مناسك الحجّ هي مجرّد فعّاليات تقام تعبّداً ليس إلّا، من دون أن تختزن أسراراً وبواطن وقيماً وتأريخاً. . لننظر إلى الحجر الأسود - مثلاً - مجرّداً عن كلّ تأريخ ومعنى، بعيداً عن عالم الملكوت.
مرَّ عمر بن الخطّاب على الحجر الأسود. فقال: واللّٰه يا حجر إنّا لنعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع، إلّاأنّا رأينا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يحبّك فنحن نحبِّك.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: كيف يا ابن الخطّاب! فواللّٰه ليبعثنّه اللّٰه يوم القيامة وله لسانٌ وشفتان، فيشهد لمن وافاه، وهو يمينُ اللّٰه عزّوجلّ في أرضه يبايع بها خلقه.
فقال عمر: لا أبقانا اللّٰه في بلدٍ لا يكون فيه علي بن أبي طالب 2.
وسئل الإمام الصادق عليه السلام: لأيّ علّة وضع اللّٰه الحجر في الركن الذي هو فيه؟ ولأيّ علّةٍ يُقبّل؟
فقال عليه السلام: إنّ اللّٰه وضع الحجر الأسود، وهو جوهرة اُخرجت من الجنّة إلى