230الغدير يدل على ذلك، وأنّ النبي صلى الله عليه و آله نصبه إماماً للمسلمين في يوم الغدير.
المخاض الأخير:
وهكذا يتضح أن لفظ المولى من المشترك المعنوي، وأن معناه (الأولى) محفوظ في جميع مصاديقه المتعددة.
ولكن حتى لو قلنا - مع القائلين - بأن لفظ المولى من المشترك اللفظي، وأنه يحتمل أن يراد به معنى الناصر، أو المحب، أو أحد المعاني الأُخر غير معنى (الأولى) ، فإنّا يمكن أن نبرهن على أن لفظ المولى في كلام النبي صلى الله عليه و آله في حديث الغدير استعمل في خصوص المعنى الاول وهو: (الأولى) دون سائر المعاني، وذلك بقرائن كثيرة نذكرها فيما يلي:
القرينة الاولى: دلالة المقدمة على المعنى
لا شك في أن حديث الغدير قد بدأه النبي صلى الله عليه و آله بمقدمة استفهامية هي:
«ألست أولى بكم من أنفسكم» (62) ثم قال صلى الله عليه و آله بعدها: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» وفي ضوء ذلك نقول: لا شك في أن الأولى في المقدمة يراد به الأولى في الطاعة، وحق الأمر والنهي للنبي صلى الله عليه و آله على الأمة بالدليل النقلي والعقلي، فلابد أن يريد النبي صلى الله عليه و آله من لفظ المولى في قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، المعنى الثابت في المقدمة أي الأولى، دون سائر المعاني للمولى، حيث جرت عادة اللغة على تفسير اللفظ الذي يحتمل معاني متعددة، والمعطوف على نفس اللفظ السابق عليه، والذي هو ظاهر في معنى محدد من المعاني الكثيرة بالمعنى السابق، والذي عطف عليه اللفظ الذي يحتمل معاني متعددة، فمثلاً لو قال المتكلم:
(بعت كتابي إلى عمي زيد) ثم قال بعد ذلك متصلاً: (وعمي موجود الآن في بيتي) ، فإن العم في الجملة الثانية يحتمل أنه أراد به العم الذي اشترى الكتاب ويحتمل أن يريد عمّاً آخر، وحيث إن المتكلم عطف الجملة الثانية على الأولى حيث قال:
(بعت كتابي إلى عمي زيد وعمي موجود في بيتي) فإن العرف يفهم أن العم الموجود في البيت هو نفس العم الذي اشترى الكتاب أي هو زيد، وإن كان يحتمل أن يريد بالعم في الجملة