223يُقال للمؤمن هو ولي اللّٰه ولم يرد مولاه (43) .
وقد يُقال: بأنه إذا كان النبي صلى الله عليه و آله أراد أن ينصب علياً إماماً للمسلمين من بعده، فلماذا لم يذكر ذلك بلفظ يكون نصّاً في المعنى، فلا يقع النزاع بعد ذلك؟
والجواب:
إنّ حديث الغدير وماتقدمه من كلام وما تأخر عنه يدل دلالة واضحة على مراد النبي صلى الله عليه و آله في تعيين علياً إماماً بعده، فإذا أمكن النقاش في دلالة حديث الغدير؛ ودعوى عدم وضوحه في إفادة المعنى، فإنه يمكن النقاش في كل نص يرد لا يحتمل معنى آخر غير معنى الإمامة على تقدير صدوره من النبي صلى الله عليه و آله كما ردّ طلب النبي - وهو على فراش الموت - في أن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا من بعده أبداً، حيث رفض عمر بن الخطاب ذلك الطلب وقال: إنّ الرجل ليهجر (44) أو غلب عليه الوجع كما روى ذلك البخاري بسنده عن عبيداللّٰه بن عبد اللّٰه عن ابن عباس قال:
لما اشتد بالنبي صلى الله عليه و آله وجعه قال: أئتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده قال عمر: إنّ النبي صلى الله عليه و آله غلب عليه الوجع وعندنا كتاب اللّٰه حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال صلى الله عليه و آله: قوموا عني ولا ينبغي عندنا النزاع، فخرج ابن عباس يقول: الرزيئة كل الرزيئة ماحال بين رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وبين كتابه (45) .
وفي رواية أخرى روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال: لما حضر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وفي البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه و آله: هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: إنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب اللّٰه (46) .
هذه أهم موارد استعمال لفظة (المولى) التي جاءت في القرآن الكريم وفي كلمات العرب وشعرهم، ولكن علماء الحديث والعقائد ذكروا للفظ المولى معانٍ أُخر غير التي ذكرناها، فقد ذكر ابن الجوزي: أن علماء العربية قالوا: إن لفظة المولى ترد على عشرة وجوه وهي:
الأول: المالك، ومنه قوله تعالى: