196قوله: «ولم يولد في البيت أحد سواه، قبله ولا بعده، وهي فضيلة خصّه اللّٰه بها» .
وقد مرّ ما عن أبي داود البناكتي. وكلمة ابن الصبّاغ المالكيّ السابقة: «ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصّه اللّٰه تعالى بها إجلالاً له، وإعلاءً لمرتبته، وإظهاراً لتِكْرُمَتهِ» . وقول الدهلوي في (سِيَرِ الخلفاء) : أنّه «لم يتولّد أحد قبله في حصار البيت» .
والآلوسيّ في أوليات هذه الرسالة: «ولم يشتهر وضع غيره كرّم اللّٰه وجهه، كما اشتهر وضعه» يوعز إلى وهن حديث حكيم، وانحياز الشهرة عنه. وقول الدهلويّ في (ازالة الخفاء) : «ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده» .
هذه كلمات بعض مهرة الفن وأئمّة النقل، وهنا يقول الشيخ: فلو كان يُقام لولادة حكيم في البيت وزن عند هؤلاء لما أطلقوا القول بملء الأفواه أنّ تلك خاصّة لأمير المؤمنين عليه السلام لا يشاركه فيها أحد، مع وقوفهم على أمر حكيم، وفيهم مَن أورد خبر ولادة حكيم في كتابه لكنّه غير آبه به.
وقفة مع الدياربكري:
ويقرب من هذه الهملجة ما جاء به الديار بكري في (تاريخ الخميس) قال:
«ولد بمكّة بعد عام الفيل بسبع سنين، ويقال: كانت ولادته في داخل الكعبة ولم يثبت» 1ولم يترك الشيخ المؤلّف هذا الزعم دون جواب فيقول:
وليت شعري بماذا تثبت الحقائق التاريخية؟ أبالوحي، أم بأخبار الأنبياء، وهتاف الكتب السماوية، أم أنّ المرجع فيها الرجل والرجلان من النَقَلَة والرواة؟ وهل التزم الدياربكري في كتابه بأكثر مِن هذا؟ فما بال هذه الحقيقة التي هَتَفَتْ بها المئات والألوف، وأثبتتها طبقات الناس جيلاً بعد جيل لم تثبت عنده، وثبتت لديه هَفَوات التاريخ، التي لو أحصيتها لخرجت عن وضع الرسالة؟
ثمّ ما بال الدياربكري يعتمد على (شواهد النبوّة) كلّما نقل عنه، ولا يرتضيه في خصوص المقام؟