188يميّز بين هذا النوع من الذين يطلق عليهم أنّهم المحدِّثون وبين نوع آخر أولئك هم أئمّة الحديث ومهرة فنّه النياقد، الذين - كما يعبِّر الشيخ عنهم - لا يروقهم رمي القول على عواهنه، فلا يؤمنون بالمنقول إلّابعد التفرّغ من أمر إسناده والتثبّت فيه والتروي في متنه، حذار مخالفته لمعقول أو مصادمته لشيء من الأصول، وبالتالي فإنّ هذا المحدث هو الحبر الناقد الضليع في العلم الذي ضرب فراغاً في أوقاته للتبصّر في هذا الفن، والإحاطة به من أطرافه. . فهو محدِّث وهو فقيه وهو مفسِّر حين يتحرّى مغازي آيالكتاب الكريم واكتشاف مخبآتها وهو فنيّ إذا عطف النظر على أيّ من العلوم. وهذا هو المحدِّث الذي يقصده سماحته ويريده وذكر لهذا مصاديق كالسيّد المرتضى والسيّد الرضي والشيخ الطوسي وقبلهم الصدوق وبعدهم ابن شهرآشوب وابن الفتال والعلّامة الحلّي وابن بطريق. . . ومن أهل السنّة كالحاكم وغيره. .
وقفة قصيرة مع ابن أبي الحديد
يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج: واختلف في مولد علي عليه السلام أين كان؟ فكثير من الشيعة يزعمون أنّه ولد في الكعبة، والمحدّثون لا يعترفون بذلك، ويزعمون أنّ المولود في الكعبة حكيم بن حزام. . . 1.
كيف يصحّ هذا والحاكم النيسابوري من أئمّة الحديث يقول: . . . وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرّم اللّٰه وجهه - في جوف الكعبة، وما قاله المحدّث الدهلوي بتواتره وقول الآلوسي: إنّه أمر مشهور في الدنيا» وغيرهم من المحدّثين كما أسلفنا وكما هو آتٍ؟ ! اللّهم إلّاأن يقصد ابن أبيالحديد بالمحدِّثين أولئك الذين وصفهم الشيخ بالسذج. . . لا مهرة الحديث وأئمّته.
وهذا العلّامة المحدّث أبو الفتح الكراجكي قال في (كنز الفوائد) بعد أن ذكر أحاديث في مقدّمة الولادة من خبر الكاهن ورؤيا فاطمة بنت أسد وتعبير الكاهن