12وأنت الذي اتسمتَ بالثراء والفرادة في إيمانك وفي صدقك وعدلك وورعك وفي علمك وعبقريتك وحصافتك وفي زهدك وقناعتك وفي نهجك وطريقتك، فخصائصك ما أعظمها وأخلاقك وما أسماها وفضائلك ما أكثرها!
وهذه كتب التأريخ والحديث عند الفريقين. . وقد ملئت بخصالك ومناقبك وفضائلك وآثارك وجهودك ومواقفك ولم يذكر فيها لغيرك ما ذكر لك.
يقول أحمد بن حنبل وإسماعيل القاضي وأحمد بن شعيب بن علي النسائي وأبو علي النيسابوري: «لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام» .
وليس هذا فحسب، بل كان الأوحد في صفاته وفضائله. دلّني على فضيلة لم يكن عليّ فيها الأشهر ولم يكن المتفرِّد بها دون غيره سواء أكانوا في زمنه أو الأزمان المتعاقبة الاُخرىٰ!
* * *
وهكذا أنت - سيّدي - في عطائك الذي كاد أن يبلغ حدّ الاسطورة، أثريت به تراثنا الديني والأخلاقي والإنساني. . . وما أحوجنا إلى تراثك الخالد خاصة في عالمنا الصاخب المليء بمختلف الأفكار والأمواج والأعاصير. . .
وإنّ الإحاطة بكلّ ما قدّمته في حياتك المباركة أمر صعب، كما أنّ محاولة التعمّق فيه وسبر أغواره هو الآخر أمر عسير فالرجل مهما اُوتي من القدرة والاستعداد والصبر فإنّه يتخصّص بفنٍّ واحدٍ أو فنّين، إلّاأنت - سيّدي - فقد جمعت مناقب كثيرة، وفنوناً وعبقريات هي الاُخرى متعدّدة. ما فرّق اللّٰه شيئاً في خليقته من الفضائل إلّاعندك اجتمعا
لقد اصطنعتك السماءُ وأفاضت عليك خصائص وفضائل خلقت منك إنساناً ربّانياً في كلّ ما حملتَه واتسمّتَ به. وأقحمتك عالَماً آخر غير ما ألفوه فتحيّرت عقولهم وأذهلت نفوسهم، فراحوا يتنازعون أمرهم فيك؛ تعدّدت آراؤهم وتنوّعت فيك اجتهاداتهم، وتقاطعت فيك مواقفهم، ولما أدحضتهم حجّتُك وألجمت ألسنتهم وخيّبت أدلّتهم وكشفت افتراءاتهم. . لم تطاوعهم أنفسهم المقيتة