107
علي عليه السلام على قوم يأكلون جراداً فقال: سبحان اللّٰه وأنتم محرمون؟ فقالوا: إنّما هو من صيد البحر، فقال لهم: إرموه في الماء إذن» 1.
ومقتضى شبهتهم في ذلك أنّه يكون حلالاً؛ لأنّ صيد البحر قد نصّ القرآن على حلّيته قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ فقال الإمام عليه السلام لهم في مقام دحض شبهتهم: ارموه في الماء، أي لو كان بحرياً لعاش في الماء.
ونقل في الجواهر عن المنتهى والتذكرة للعلّامة أنّ كونه من صيد البر قول أكثر علمائنا وأكثر علماء العامّة أيضاً، وعن المسالك أنّه لا خلاف فيه عندنا، خلافاً لأبي سعيد الخدري والشافعي وأحمد في رواية 2.
وجمع صاحب موسوعة فقه علي بن أبي طالب آثاراً عنه في هذا الباب وردت في المصادر السنية فكتب يقول:
يحرم على المحرم قتل الصيد، والإشارة إليه، والدلالة عليه، واتباعه، وأكله.
قال علي: «لا يقتل المحرم الصيد ولا يشير إليه ولا يدلّ عليه ولا يتبعه» 3فإن فعل شيئاً من ذلك فقتله هو أو قتله الحلال فالمحرم ضامن لذلك 4.
ولا يحل للمحرم أكل لحم الصيد سواء أصاده الحلال أو المحرم وسواء أصيد للمحرم أو لم يُصَدْ لَه 5.
فقد كان الحارث بن نوفل خليفة عثمان على مكة، فلمّا قدم عثمان مكة استقبل بقديد، فاصطاد أهل الماء حجلاً، فطبخ وقدم إلى عثمان وأصحابه، فأمسكوا، فقال عثمان: صيد لم نصده ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حل، فأطعمونا، فما بأس به، فبعث إلى علي فجاءه، فذكر له، فغضب علي وقال: «أنشد اللّٰه رجلاً شهد رسول اللّٰه حين أُتي بقائمة حمار وحش، فقال رسول اللّٰه: إنّا قوم حُرُم فأطعموه أهل الحل، فشهد اثنا عشر رجلاً من أصحاب رسول اللّٰه، ثمّ قال عليّ: أنشد اللّٰه رجلاً شهد رسول اللّٰه حين أتي ببيض النعام، فقال رسول اللّٰه: إنّا قوم حرم فأطعموه أهل