62العمرانية في المرّة الأخيرة التي سافرت فيها إلى المملكة العربية السعودية.
وقدّم لي المهندسون والمعماريون توضيحات وافية في هذا المضمار، واطلعت علىٰ تلك المشاريع وأهدافها. ففي ذلك السفر ذهبت إلى أحد المراكز العلمية في جامعة أُمّ القرىٰ، وأعتقد أنهم كانوا قد أعدّوا لي معرضاً خاصّاً يتضمّن مشاريعهم الموضوعة قيد البحث من أجل الارتقاء بمستوى الخدمات التي تُقدّم للزوّار، وكمثال علىٰ ذلك عرضوا دراساتهم حول بئر زمزم منذ بداية ظهوره، وحينما يدقّق الناظر فيه يعرف حتىٰ سبب ارتفاع وانخفاض ماء زمزم، وما هي العوامل المؤثّرة فيه، وعرضوا أمام أنظار المتفرّجين طروحات لتقليل شدّة الزحام فيما يخصّ رمي الجمرات والمشاكل التي تواجه الحجّاج بسبب كثرة العدد. وكان هناك كلام حول العدد المتزايد للحجاج سنوياً، وأن وجود مثل هذا العدد في بلد واحد يؤدّي إلىٰ حدوث بعض المضاعفات. ثمّ طُرحت علىٰ بساط البحث كيفية الاستفادة من أوقات السنة الأخرىٰ حيث يقلّ الازدحام. وبعد اطلاعي علىٰ تلك المشاريع أدركت بأنَّ الحكومة السعودية تعمل برغبة وشعور بالمسؤولية.
ومن جملة الأعمال الباهرة التي أنجزوها ويمكن أن يُضرب بها المثل هو توسيع الحرم والشوارع المفضية إليه. وأنجزوا في منىٰ مشروع نقل الماء الحلو، ومخازن ضخمة ومنشآت هائلة لتحلية مياه البحر، وقد شجّروا أماكن كثيرة من منىٰ وعرفات، وكانوا يفكّرون بإنشاء أبنية بدلاً من الخيام التي كانت على الدوام سبباً للمشاكل. إلّاأن النكتة الجديرة بالالتفات هي أن هذه الأبنية يُستفاد منها مدّة ثلاثة أيّام فقط وتبقىٰ سائر أيّام السنة خالية لا يُستفاد منها. واستقر رأيهم في نهاية المطاف على أن نصب الخيام أفضل! على أن تكون خياماً مجهّزة وكفيلة بتوفير الراحة للحجاج والحيلولة دون حدوث مخاطر.