29الأربعاء، لثلاث بقين من ذي الحجّة الحرام - سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة 1.
ثمّ انتقل به والده وهو صغير إلىٰ بلاد العجم، فنشأ في حجره بتلك الأقطار المحميّة، وأخذ عن والده وغيره من الجهابذة، حتّىٰ أذعن له كلّ مناضل ومنابذ، فلمّا اشتدّ كاهله، وَصَفَتْ له من العلم مناهله، وُلِّي بها شيخ الإسلام، وفوِّضت إليه أُمور الشريعة الغرّاء، علىٰ صاحبها وآله الصلاة والسلام.
ثمّ رغب في الفقر والسياحة، واستهبَّ من مهابِّ التوفيق رياحه، فترك تلك المناصب، ومال لِما هو لحاله مناسب، فقصد بيت اللّٰه الحرام، وزيارة النبيّ وأهل بيته الكرام، عليهم أفضل الصلاة والتحيّة والسلام، ثمّ أخذ بالسياحة، فساح ثلاثين سنة. . فإلى القدس مروراً بمصر، وإلى الحجاز ثمّ حلب، وإلىٰ قزوين وغيرها من بلاد إيران، ثمّ رجع إلىٰ إصفهان محتداه، وأُوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أرباب الفضل والحال، ونال من فيض صحبتهم ما تعذّر علىٰ غيره واستحال، ثمّ عاد إلىٰ مسكنه إصبهان، وهناك همىٰ غيث فضله وانسجم، فألَّف وصنَّف، وقَرّط المسامع وشنَّف 2.
أُسرته:
عاش شيخنا البهائي وسط أُسرة علمية، شريفة، كريمة، عريقة، حافلة بالمفاخر.
فوالده:
الشيخ عزّ الدين، الحسين بن عبد الصمد بن محمّد الحارثي الهَمْداني الجبعي العاملي، كان عالماً ماهراً، محقّقاً، مدقّقاً، متبحّراً، جامعاً، أديباً، مُنشئاً، شاعراً، عظيم الشأن، جليل القدر، ثقة ثقة، من فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد الثاني رحمه الله، له مناظرة لطيفة مع فضلاء حلب 3.
وجدّه:
الشيخ عبد الصمد بن محمّد بن عليّ الجبعي العاملي، كان فاضلاً عالماً 4،