167(الصفحة: 138 - 292) (3) .
بقي في المدينة المنورة ثلاثة أشهر، أمضى منها ثمانية أسابيع في الفراش؛ لذا كتب عن المدينة بطريقة أقل شموليّة من كتاباته عن مكّة (4) ، بل إنّ وصفه للمدينة المنورة ناقص وهزيل، بالنسبة لوصفه لمكّة وجدّة والطائف. كما يقول « برينث» ، وهو يعتمد في كثير ممّا كتبه عن المدينة على السماع، وماجمعه من الأخبار، التي التقطها بدقة وأناة، وهي تأتي بمفهوم جديد بالنسبة للقارئ الاوروپي، ولكن تلك المعلومات ليست مؤسسة على ملاحظاته الشخصية وتجاربه، ومع ذلك فقد كان يتوخى الحقيقة ببرود في أحكامه (5) .
وفي البداية، يقول بيركهارت:
إنّ القافلة التي جاء ضمنها من مكّة المكرمة، نزلت في الساحة الكبرى الكائنة في ضاحية المدينة، ووجد له منزلاً بواسطة المزوّر، وأخذ كالعادة لزيارة الحرم الشريف، فلاحظ أنّ مراسيم الزيارة أقصر وأسهل من مراسيم الحج ومناسكه بطبيعة الحال، لكنه لاحظ أنّ المدينة كان قد احتلها طوسون باشا مؤخراً، وطرد منها الوهابيين، فنفر عنها البدو وأصحاب الإبل، الذين كانوا يأتون إليها بالأقوات والمؤن. فعزّ فيها الطعام، ولاحظ وخامة الجو فيها كذلك، وطعم الماء المقيت.
ويأخذ بيركهارت بوصف المدينة وموقعها الطبيعي. . . فيقول:
إنه وجد أسوارها عامرةً، بحيث تعدها للدفاع على أحسن وجه بالنسبة لمقاييس تلك الجهات؛ ولذلك كانت المدينة المعقل الرئيسي في الحجاز. وكان السور قد بُني حولها سنة 360 للهجرة، ثمّ اُعيد بناؤه بعد ذلك في أوقات مختلفة أخصّها سنة900 للهجرة، لكنّ الخندق كان قد مُدّد حولها سنة 751. على أنّ بناءه، بشكله في أوائل القرن التاسع عشر، كان قد تمّ بأمر من السلطان سليمان القانوني، في نهاية القرن السادس عشر، وهناك أبواب ثلاثة