29
ب - المتنسكون المتحجّرون (المتزمتون) .
ولا يكاد يخلو خطاب سنوي تاريخي من خطابات الإمام في موسم الحج، من تسليط الأضواء على هذه المؤامرة الكبرى بأطرافها الثلاثة، التي نجحت إلى حدٍّ كبير في إفراغ الحج من محتواه السياسي، ومضمونه الاجتماعي الثوري.
ففي عام 1404ه كشف الغطاء بصراحة عن مثلث التآمر، قائلاً:
«لقد عملت الأيدي الآثمة أكثر ما عملت - وما زالت - على تغييبه وهجرانه، يساندهم في ذلك - عن علم أو غير علم - عملاؤهم الطامعون والغافلون الجهلة، وعلماء الدين المأجورون أو المنحرفون، والمتنسكون المتزمّتون المتحجّرون» .
وهذا النصّ يشير بصراحة إلى مثلث التآمر برؤوسه الثلاثة.
وفي بداية ذات الخطاب أكّد على العنصر الأوّل والثاني باعتبارهما الأخطر؛ لأنّ العدوّ الداخلي أخطر بكثير من العدوّ الخارجي، حيث يقول:
«ومن المؤسف أنّ الأبعاد المختلفة والمتنوّعة لهذه الفريضة المصيرية العظيمة، بقيت مغيّبة من وراء حجب، بسبب انحرافات حكومات الجور في البلدان الإسلامية [ العنصر الثاني ] ، ووعاظ السلاطين السافلين [ العنصر الثالث - أ ] ، وسوء فهم بعض علماء الدين المتزمّتين المتحجّرين في العالم الإسلامي [ العنصر الثالث - ب ] » .
ومن دون شك فإنّ العنصر الأخطر في هذه المؤامرة هو العنصر الثالث بكلا قسميه، وقد عانى الإمام منهم - كما صرّح بذلك - أكثر ممّا عانى من أمريكا! !
يقول الإمام: «وقد بلغ الأمر بهؤلاء المنحرفين إلى أن وقفوا معارضين لإقامة الحكومة الإسلامية، واعتبروها أسوأ من حكومة الطاغوت، وحصروا فريضة الحج الكبرى بظواهر فارغة، واعتبروا طرح مشاكل المسلمين والبلدان الإسلامية (في هذا المؤتمر الإسلامي المليوني) مخالفة للشريعة، بل يصل إلى حدّ الكفر! !