27ولهذا حذّر من أن يكون هذا الاجتماع المليوني للمسلمين الآتين من كلِّ فجٍّ عميق، مصداقاً للرواية القائلة:
«ما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج» !
وهناك مقولة رائعة للإمام تعبّر عن مدى المنافع والعطاءات لفريضة الحج، وعلى جميع الأصعدة، وهي: «الحجّ كالقرآن مائدة ينتفع منها الجميع» ، ولذا فإنّه يرى الاستفادة من جواهر بحره تختلف بحسب اختلاف مستويات الناس الفكرية والثقافية، وحملهم لهموم الأمّة الإسلامية، وشعورهم بآلامها وآمالها.
كما يرى أنّ الحجّ يشبه القرآن في غربته ومهجوريته، حيث يقول: «الحجّ مهجور كالقرآن» .
من هنا ندرك أنّ الإمام يرى أنّ الحج كالقرآن في أعماقه، وكالقرآن في غربته.
من هذا المنطلق يوجب مفسّرنا الإمام على جميع المسلمين «أن يسعوا من أجل إعادة الحياة إلى الحجّ والقرآن معاً» ، كما يدعو علماء الإسلام الملتزمين إلى «أن يضطلعوا بمسؤولية تقديم وإعطاء التفاسير السليمة والواقعية لفلسفة الحج ومناسكه، بعيداً عمّا تنسجه خيالات وتصوّرات (علماء البلاط) من خرافات» .
(المنافع) : البعد السياسي - الاجتماعي
لقد ركّز الإمام على البعد (السياسي - الاجتماعي) في قوله تعالى: ليشهدوا منافع لهم ؛ أكثر ممّا ركّز على البعد (النفسي - العرفاني) ، رغم تصريحه بأنّ البعد الثاني هو الأساس، وهو المنطلق لكلّ الأبعاد الأخرى، حيث صرّح قائلاً:
«إنّ البعد (السياسي - الاجتماعي) لا يتحقّق إلّابتحقّق بُعده المعنوي الإلهي» .
وقد كان يؤكّد في كتبه أنّه: ما لم تتكسّر أصنام كعبة القلب، لا يمكن للإنسان أن يكسِّر الأصنام الأخرى الحجرية والبشرية المتمثّلة بالطاغوت