21في منهجه التفسيري.
ينطلق الإمام في تفسيره لآيات الحج ومناسكه في آفاق رحبة بعيدة؛ ليكتشف أبعادها السياسية والاجتماعية والثورية، إضافة إلى أبعادها الروحية العرفانية.
المبحث الأوّل: آية شهود المنافع
وأذِّن في الناس بالحجِّ يأتوك رجالاً وعلى كُلِّ ضامرٍ يأتينَ من كُلِّ فَجٍّ عميق* ليشهدوا منافع لهم. . . .
لماذا هذا الإعلام الإبراهيمي برفع الصوت بالحجّ عالياً، والنداء؟
لماذا كلّ هذا الحرص على حضور الناس وحشدهم في زمان واحد وفي مكانٍ واحد وفي مناسك موحّدة؟
لماذا كلّ هذا الحشر في ذلك المكان المقدّس الطاهر؟
ما هو سرّ هذا الحشد المليوني الهائل لهؤلاء المسلمين الآتين من شرق الأرض وغربها؟
ما هي المقاصد والأهداف والغايات التي تجعل هؤلاء الملايين من المسلمين يهجرون أوطانهم وأهليهم، ويعطّلون أعمالهم ومشاريعهم، ليلتحقوا بركب الحجيج المقبلين من أقطار بعيدة، وأصقاع نائية؟
إنّ الآيه الثانية تعطي لنا الجواب الشافي عن هذه الأسئلة المتعدّدة مبنى، المتّحدة مضموناً ومعنىً، حيث ترسم لنا فلسفة الحجّ، وعلّته أو غايته - على اختلاف اتجاه التفسير في حرف (اللام) - بقوله: ليشهدوا - ذلك التجمّع المليوني للمسلمين الآتين من كلِّ فجٍّ عميق، راجلين وراكبين: ليشهدوا منافع لهم!
(التجارات) هي المنافع الدنيويّة: بين الأمس واليوم!
يتساءل الإمام الخميني: ما هي هذه (المنافع) التي تمثِّل العلّة أو الغاية من حضور هذا الحشد المليوني الهائل؟