147الامام الراحل في تشخيص الخلل وإعطاء البديل. ولو تسنّىٰ لنا متابعة كلّ ما ذكره في خطاباته وكتاباته ووصاياه؛ لوجدنا أنّ الامام رحمه الله لا يفتأ يميط اللثام عن اشكاليات المرحلة، ولا يتوانىٰ عن استعمال مبضعه كالجرّاح في العلاج، كلّ ذلك في نطاق التزام صارم بالمشروع الاسلامي، والانضواء تحته، مهما كانت الظروف، ومهما بلغت التحديات، فالخميني لا يعرف شيئاً اسمه الانصياع أو حتى التراجع!
هذا الانضواء الكفاحي، على صعيد حركة التبليغ والدعوة، كما نلاحظ - يقول كاتب مرموق - يصل عند الامام الى مستوى الذوبان في المشروع الاسلامي، فلا يتنفس إلّامن خلاله، منفتحاً به على أصحاب الحق، يلاحقهم الى أقصىٰ مكان في الأرض مرشداً وشاهداً غير مضطرب ولا متعثّر. فإيمانه بهم يعدل إيمانه بشرعية مشروعهم الذي هو مشروعه في كلّ حال. ولا يستثني في دعوته الى الاسلام أحداً من الأمة. وهو وإن خاطبها بكليتها أفقياً، فلم يفته التوجه أيضاً الى شتىٰ شرائحها العمودية من أهل الشارع الى الحكام، فلا أحد في الأمة محسوب خارج نطاق الرسالة:
«انفخوا في أهل السوق والشارع، وفي العامل والفلاح والجامعي، روح الجهاد، فيهب الجميع الى الجهاد. . . الكلّ يطلب الحرية والاستقلال والسعادة والكرامة» بذلك يوصي الامام المبلغين ليوصي المبلغون غيرهم، فتنتقل الحركة بالرسالة من حلقة الى حلقة، ومن يد الى يد لتبلغ الهدف النهائي.
وعلى مدىٰ عمره الحافل بالعطاء والمواقف المشهودة. . . لم يتخلَّ الإمام يوماً عن اداء مهامه الثقيلة، حتىٰ وهو في آخر شيخوخته. ولقد حملت نداءاته المتكررة الى حجاج بيت اللّٰه الحرام الكثير من توجيهاته القيمة في هذا الاتجاه. وهنا نقف - بشكل خاص - أمام ندائه الذي وجهه لهم عام 1400ه. كعيّنة لتلك النداءات، ولما تنطوي عليه من أفكار ورؤىٰ وحلول.
الحج؛ منطلق الوحدة
لئن كانت الحركة مظهراً ضرورياً في حياة الأمة المسلمة، فإنّ وحدة أجزاء