258ضابطاً في الجيش، دوراً في دفع ابنه إلى التوجه لخدمة التاج البريطاني، بغضاً بعدوّه التقليدي فرنسا؟
ليس بين أيدينا أدلّة وثائقية، بيد أننا نميل كثيراً إلى أنّ الدافع الأكبر لانتقال بيركهارت، ومن ثمّ تجنّسه بالجنسية البريطانية، لم يكن علمياً بحتاً، خاصة وأن لندن كانت مزدهرة، في تلك الفترة، بنشاط محموم لتدجين المشرق وتحويله إلى «حقل للعلم الأورپي» كما يقول ادوارد سعيد (9) ، وذلك في ظل التنافس المتزايد بين بريطاينا وفرنسا.
في لندن تعرّف بيركهارت إلى سير جوزيف بانكس عضو الجمعية الأفريقية، التي كانت موّلت رحلات استكشافية سابقة إلى منطقة النيجر، انتهت جميعها بوفاة المستكشفين. أمّا الباحث البريطاني «بيتر برينث» فيؤكّد أنّ بيركهارت قد ذهب إلى لندن؛ لوضع نفسه تحت تصرّف الجمعية الأفريقية. . وكانت هناك مجموعة من العلماء والتجار الارستقراطيين نصف الامپرياليين تتوق لحل سر غموض افريقيا الغربية ومجرى نهر النيجر، وذلك لنشر النفوذ البريطاني على ضفاف ذلك النهر.
كان أحد الطرق إلى ذلك النهر لا يقع إلى الشرق من سواحل غامبيا، وهو الطريق الذي سلكه هوثورن وبارك من قبل، بل يقع في جنوب غربي مصر، عبر واحة فزان ومنها إلى النهر. وهناك كانوا يأملون أن يجدوا الطريق في مكان ما فيما وراء الصحراء، حيث توقع أولئك الذين يسلكون هذا الطريق أن يجدوا تمبكتو على أحد جانبيها، ومصب النهر المجهول على الجانب الآخر (10) .
وعندما قدّم بيركهارت فكرته ببلوغ تمبكتو بمرافقة قوافل الحجاج العائدة من مكة المكرمة تبنتها الجمعية، ووظفته بقيمة جنيه استرليني في اليوم (11) . وما ان قبلت الجمعية الجغرافية بيركهارت كممثل لها، في هذه المغامرة الخطرة، حتى قرر أن يعدّ نفسه اعداداً كافياً لتلكَ الحياة