219أيّ حال وصلنا. قبر أمّ البشر، السيدة حواء عليها السلام علىٰ هيئة أو شكل ميزاب سحب من طرفيه إلى الأعلىٰ. وعند القدم توجد فتحة شباك حديدية، فقبّلنا وقرأنا الفاتحة، ثم طلبنا إذن الخروج. وتفصيل ذلك كما هو مكتوبٌ من قِبل السّيد العالي معتمد الدولة - روحي فداه - في كتاب «يوميات السّفر إلىٰ مكة المعظمة» 1. وهذه البقعة هي محل السُّرّة المباركة. هناك بقعتان اُخريان كذلك بين تلك شبيهتان بقبر السيدة حوّاء حيث بُنِيَ حائط وعُمِّر المكان. ويبدو من الذي ذكره السّيد العالي في كتابه اليوميات أن أحدهم هو قبر عثمان باشا والآخر هو أحد أقرباء عثمان باشا.
يالَهُ من عمل قبيح هذا الذي فعلوه حيث دفنوا آخرين مقابل جسد السّيدة! بعد الزيارة حصلنا على الإذن للخروج، ثم رجعنا.
بمجرّد الدخول إلى المنزل أخبرونا أنَّ الوابور قد وَصل، وإن شاء اللّٰه سنذهب الىٰ بوشهر. اليوم غادرَ وابوران وعادَ وابوران. وبما أنَّ اليوم هو يوم الجمعة والثالث عشر من صفر، فإنّه قد توقّفنا أربعة عشر يوماً في جدة. ليس لدينا عملٌ إلّا الهمّ والغمّ. الهواء حارٌّ جداً منذ عدة أيام وليال، ومع ارتداء لباس واحد وفي مكان عالٍ يتمّ الوصول اليه بصعود ستين أو سبعين درجة، إلّاأن العرق يجري باستمرار. الحمد للّٰهعلىٰ كلّ حال حيث هطل مطرٌ نافعٌ قبل وصولنا إلىٰ جدّة، وإلّا لا أحد يعلم ما كان سيحصل من قلة المياه خصوصاً وأنّهم يقولون: إنَّ المطر لم يهطل هنا منذ أربع سنوات، وكيف كنّا سنتحمّل كل ذلك التأخير؟ !
اليوم، الحجّاج الذين تأخروا عَنّا عندما كنّا نغادر المدينة، وهم كانوا ما يزالون يدخلونها، جاء بعضهم عن طريق (ينبُع) والبعض الآخر عن طريق (رابغ) فراراً. لقد أعطوا ألف ريال إلىٰ مسؤول القافلة كإتاوة. وقد أخذ مسؤول القافلة الأموال وهرب. وفي (رابغ) سَدّوا الطريق أمام الحاج مطالبين إيّاهم بالإتاوة، وبما أنَّ هؤلاء الحجاج المساكين كانوا قد أعطوا أموالهم إلىٰ مسؤول القافلة فقد أوقفوهم هناك، وهرب البعض الآخر. ويبدو أنَّ الحجّاج الذين جاءوا عن طريق