207ثم رجعنا أدراجنا. في الليلة الأولىٰ تشرّفنا بالحرم المبارك عن طريق باب الرّحمة.
وبعد قراءة الزيارة قضينا في الحرم المبارك أربع ساعات مضين من اللّيل. كانوا قد أناروا جميع المنائر. وكانت تبدو جذّابة للناظر اليها من الزّقاق. إنَّ تلك المنائر التي كانوا قد أناروها هي علىٰ شكل ثلاث طبقات، وهناك ثماني منائر وفي كلّ طابق منها بالطّبع يضيء مئتا مصباح. وكانت تضيء الحرم المبارك كذلك مصابيح كثيرة.
وكانت أصوات هذه المنائر تُسمع من البيوت أيضاً. وكذلك صوتُ عَزْف عالٍ.
وفي الحرم المبارك بعد صلاة العشاء مقابل مسجد النساء أمام منزل خواجات الحرم، جَلَسَ جمعٌ من الناس في حلقة ذكرٍ. ومجموعة أخرىٰ كذلك مقابل الحرم المبارك كانت مشغولة بالذّكر أيضاً، وكانوا يردّدون (لا إله إلّااللّٰه) بلحنٍ جميل. والحقّ أنَّ ذلك المنظر كان ممتعاً للنّاظرين. لقد كانوا يردّدون هذا الاسم المبارك بطريقة متواصلة بحيث ينقطع نَفَسَهم فيغشىٰ عليهم ويسقطون على الأرض، وكان الآخرون من جماعتهم يمسحون أوجههم ورؤوسهم من عَرَق أولئك المغشي عليهم للتبرّك. وكان يُوجد في الحرم المبارك مقابل الضريح المبارك مَحْمَل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ومحمل آخر.
صباح يوم الاثنين الذي كان يوم الاستشهاد أي يوم عاشوراء، بعد أن تشرّفنا بزيارة الحرم المبارك وقراءة الزيارة وزيارة عاشوراء، ركبنا العربة وتشّرفنا بمرقد (حمزة) . وزُرنا المكان الذي تُحفظ فيه الأسنان المباركة، ومن هناك صعدتُ إلى الأعلىٰ وزُرْتُ باقي الشهداء حتىٰ وصلت قريباً من الجَبَل حيث يوجد مسجدٌ صغير وله محرابٌ كذلك. فدخلنا وصلّينا ركعتين. في هذا الجبل توجد شجرة نابتة من بين الصخور، وقيل: إنّها اُنزلت على خاتم الأنبياء. فصعدنا قليلاً حتىٰ وصلنا إلىٰ شقّ الجبل. وهناك أيضاً أدّينا الزيارة ورجعنا.
ليلة الثلاثاء، الحادي عشر من شهر محرّم الحرام 1298 دخلنا من باب الرّحمة، وتشرّفنا بزيارة الحرم المبارك، وقرأنا زيارة النبي صلى الله عليه و آله والصّديقة الطاهرة