131الطيبين، والمؤمنين جميعاً على مرّ الأجيال.
لقد كانت أمّ سلمة ترى هذه الامومة تكليفاً عظيماً ومسؤولية كبيرة لها حقوقها وعليها واجبات كثيرة لا بدّ من رعايتها، فكانت بحقّ أمّاً للمؤمنين بحنانها وشفقتها ورعايتها لهم واهتمامها بهم وخوفها عليهم وحرصها لهم. . .
لقد كانت - وكما عودتنا في حياتها المباركة - المبادرة إلى كلّ مايرضي اللّٰه تعالى ورسوله ولم تتطاول عليه صلى الله عليه و آله أبداً طيلة حياتها معه، كما تطاولت عليه بعضُ نسائه، وكان هذا سبباً لأذيته صلى الله عليه و آله، فحينما رأى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أنّ بعض نسائه كنّ يخلقن لهُ المتاعب، ومطالبتهنّ بالنفقة والزينة حتى ورد قول بعضهنّ لهُ: لعلّك ترى أنّك إن طلقتنا أن لا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجوننا. . وهذا الموقف دفع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله إلى أن يعتزلهنّ تسعة وعشرين يوماً، فكان موقفهنّ هذا سبباً لنزول آية التخيير ياأيُّها النبيّ قل لأزواجكَ إن كُنتنّ تردن الحياة الدُّنيا وزينتها فتعالينَ امتعكنّ واسرحكنّ سراحاً جميلاً وإن كنتنّ تردن اللّٰه ورسوله والدار الآخرة فإنّ اللّٰه أعدّ للمحسناتِ منكنّ أجراً عظيماً 1.
فبادرت هنا امُّ سلمة قائلةً: قد اخترتُ اللّٰه ورسوله، فنالت بذلكَ سبق الاختيار هذا وفضله وأجره. . ثمّ قامت بعدها بقية نسائه صلى الله عليه و آله، فعانقنه وقلنَ مثل الذي قالت امُّ سلمة، ولم تتخلف عن هذا إلّاواحدة وهي فاطمة بنت الضحّاك، فإنّها اختارت الدّنيا، ففارقها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وبقيت في شقاء طول حياتها 2.
في بيتٍ كريم:
هند ( وقيل رملة وهو ضعيف) بنت سهيل أبي أمية بن المغيرة بن عبد اللّٰه بن عمر بن مخزوم القرشية، وكان أبوها جواداً كريماً سخياً، عرف بذلكَ في الجاهلية ولقبته العرب بزاد الركب حين كان هذا اللقب لا يُطلق إلّاعلى ثلاثة أو أربعة أشخاص، راحت الأمثال تضرب بجودهم، وسارت بذلكَ الركبان، كان هو أحدهم. فإذا ماكان أحدهم في سفر فإنّ رفقاء سفره مهما كثروا يتحمّل عنهم