245شاهرخ هذا أن يكون حتىٰ أصغر حرّاسه الليليين في أقصىٰ قرية تقع تحت ملكه، وهو يدعوه نائباً له علىٰ مصر. فأمر أن يُطرد مبعوث شاهرخ ومرافقيه من مصر ويركبوا البحر راجعين. فوصل الجماعة الىٰ مكّة، وظلّوا هناك حتىٰ جاء موسم الحجّ فأدّوا المراسم، وطفقوا راجعين الىٰ بلدهم.
وأمّا ابن تغري بردي فقد وصف ضرب وشتم مبعوث شاهرخ وتمزيق الرسالة بأنّه من أفضل أعمال الملك الأشرف وأقدرها، وقام بكيل المديح له علىٰ فعلته تلك، التي لم تكن لتُضاهيها فعِلةٌ اُخرىٰ طول فترة حكم السلطان المذكور.
وأمّا الملك الأشرف فلم يبق علىٰ قيد الحياة بعد تلك الواقعة طويلاً، حيث مات سنة 841ه. وتسلّم العرش مكانه ابنه الملك العزيز، الذي لم يدم حكمه فترة طويلة، وخُلِعَ عن ملكه وارتقى العرش مكانه الملك الظاهر.
حُلم السائس الذي تحوّل الىٰ واقع!
في يوم 12 جمادى الآخرة سنة 843ه. دعا الملك الظاهر مبعوث شاهرخ القادم من هرات، وكتب مؤرخو خراسان من جملتهم عبد الرزاق وخواند مير يقولون: كان جقماق بيك - وهو نفسه الملك الظاهر - سائساً أيام حكم الملك الأشرف. فرأىٰ في ليلة حُلماً وكأن شاهرخ رفعه وأجلسه على العرش. فلمّا وصل جقماق هذا الى الحكم، أرسل معبوثاً الىٰ شاهرخ في هرات يُدعىٰ جيجكتوقا، الذي كان من الأمراء الخاصين عنده. فوصل جيجكتوقا الىٰ هرات في 843ه.
ووُفِّقَ الىٰ تقبيل يد شاهرخ.
مبعوث مصر يلقىٰ حفاوة بالغة:
سأل شاهرخ المبعوث المصري عن أحوال الملك الظاهر بعد أن أجلسه عن يمينه، وأقيم له استقبال منقطع النظير وضيافة كريمة، وكانت معظم الأواني والأطباق المستخدمة في تلك الضيافة مطعّمة بالجواهر الحمراء. وأقام له الأمراء الآخرون ضيافة مستقلّة وقدّموا إليه هدايا ثمينة جدّاً.