244اللازمة لعمل ذلك من دار الأوقاف المخصّص لهذا الغرض. وكان السلطان الأشرف قد اقترح علىٰ شاهرخ أن يبيع الحلّة، التي صنعها للكعبة ويتصدّق بمالها علىٰ فقراء مكّة إن هو أراد أن يَفيَ بنذره مِمّا سيضاعف له الثواب، ويستفيد أكبر عدد ممكن من الناس من ذلك المال.
وفي 4 شوال وصلت رسالة من شاهرخ الى القاهرة تتضمن تهديداً وانتقاداً لما يُؤخذ من التجار من أموال باسم (حَقّ النزول الى الميناء) ، وتلمّح الرسالة ضمناً أنَّ شاهرخ يعتزم التحرّك باتجاه القدس الشريف.
وأمّا اقطوة - مبعوث سلطان مصر - فقد رجع الى القاهرة في 28 جمادى الآخر عام 839ه. ثم وصل علىٰ إثره في صباح اليوم التالي الشيخ صفا مبعوث شاهرخ الى القاهرة حاملاً رسالة اُخرىٰ من ملك الشرق.
كيف عومِلَ الرسول؟
استقبل الملك الأشرف الشيخ صفا الهروي في الاصطبل السلطاني، وقام الشيخ بتلاوة رسالة شاهرخ بصوت عالٍ، وكان الملك الأشرف يستمع. وأمّا الرسالة فكانت تسمّىٰ - بلسان شاهرخ - سلطان مصر نائباً لشاهرخ، ويأمره فيها أن يبدأ خُطَبَه ويضرب المسكوكات النقدية باسمه. فلمّا انتهى الشيخ من قراءة هذه الفقرة من الرسالة، تقدّم الشيخ نحو السلطان ليسلّمه الخلعة، التي أرسلت إليه من خراسان لكي يلبسها، وكذلك أرسل مع الخلعة المذكورة تاجاً للملك الأشرف.
فشاط بالملك الأشرف الغضبُ، وأمر بتمزيق الخلعة، واُمِرَ بالشيخ التّعيس فضُرِبَ ضرباً مبرحاً، وغطِّسَ بالمسكين في حوض الإصطبل في يوم ذي زمهرير، حتىٰ شارف الشيخ على الموت، ولم يتجرأ أحد على التوسّط لإنقاذه. ويقول ابن تغري بردي ما شرحه: أنّه لم يَرَ السلطانَ في هذه الحالة من الغضب فيما مضىٰ قطّ. ثم دعا السلطان الشيخَ صفا وسلّمه رسالة تحتوي علىٰ مضامين عنيفة وعبارات شديدة جواباً علىٰ من بعثه. ومن بعض ما قاله السلطان في رسالته هو أنّه لن يقبل