235الحسين عليه السلام حينما يقرأوه الإنسان لا يتمالك نفسه يعيش في عالم عرفاني عالم ملكوتي، وهذا هو جوهر حركة الإنسان والساعات التي يقضيها في عرفات، وقد لاحظنا ذلك حينما يجتمع الحجاج تحت خيمة واحدة، وحينما يستمعون هذا الدعاء المبارك دعاء الإمام الحسين في عرفة فلا يتمالك الانسان نفسه ودموعه ووضعه بحيث يعيش في حالة من حالات الذوبان في اللّٰه سبحانه وتعالى. حالة العشق الإلهي، فلذلك نلاحظ أئمتنا: كانوا يستثمرون هذه المناسبات ويغذونها بالغذاء الجيد والصالح؛ لان النفوس والأرواح متفتحة ولأن العقول متفتحة، والإنسان قادم الى أرض جرداء ليس فيها شيء، لقاؤه مع اللّٰه ليس هناك شيء يعيقه من تجارة أو ولد أو امرأة أو زينة، فهو ذاهب الى ذلك المكان الى عرفات وهكذا في بقية المناسك، في هذه البقاع يعترف الإنسان بخطاياه وبذنبه وما جنى بين يدي مولاه سبحانه وتعالى.
فلذلك أهل البيت في الحقيقة قدموا الكثير وأدخلوا روح الحج في فكرنا، الحجّ ميت إذا لم يكن هناك اتصال باللّٰه سبحانه وتعالى، اللّٰه لا يريد أجسادنا تذهب الى هناك بل يريد أرواحنا تذهب الى هناك في هذه السفرة الملكوتية وفي هذه الهجرة الى اللّٰه سبحانه وتعالى، لا يريد منا أن نذهب وان نلتقي بتلك المواقع من خلال المادة وإنما من خلال النفس والعقل والفكر والروح والقلب - حينما يلتقي الإنسان ويعرف مع من يلتقي والى أين يذهب يؤثر الحج في نفسه، وتكون له آثار ايجابية مباركة، والإنسان يصنعه الحج صناعة جديدة وحقيقية حينما يذهب الإنسان الى الحج ويعود، ففلان الذي كان قبل الحج فهو غيره حينما يأتي بعد الحج، يصنعه الحج من جديد، ويربيه تربية جديدة؛ لأنه كان في ضيافة اللّٰه تعالى، وفي الحقيقة الإنسان دائماً في ضيافة اللّٰه تعالى، ودائماً في عين اللّٰه سبحانه وتعالى كما يقول الإمام الراحل الخميني رحمة اللّٰه عليه: «العالم كلّه في محضر اللّٰه، في محضر اللّٰه لا تعصوا» فدائماً الانسان في محضر اللّٰه تعالى،