149التجار كثيراً من القيم للحفاظ علىٰ أنفسهم وذلك بالانتماء الى الدولة العثمانية.
بعد ثلاثة أيام من الإقامة في البصرة، صعدنا علىٰ ظهر سفينة أكبر تدعىٰ (هانري پولكو) وفي الثامن والعشرين من شهر شوال رست السفينة علىٰ شاطئ ميناء بوشهر، وقد مرّت في طريقها على المحمّرة، وهذه القلعة تقع على الضفة اليسرىٰ من الشطّ، علىٰ بعد عدة فراسخ قبال البصرة، ويمرّ نهر الكارون بمحاذاتها، ويبدو جليّاً من بعيد منظر البرج وسور القلعة. وخصوبة المنطقة هي أكثر من البصرة، وتضمّ أراضي صالحة للزراعة، ولكن اقتضت سياسة شيخ العرب دائماً علىٰ أن يُبقي تلك المنطقة في خرابٍ ودمارٍ، وأن يحول دون إسكان أحد في القلعة، وإلّا فليس مستساغاً أن يكون وضع المحمّرة علىٰ هذا الحال بالمقارنة مع البصرة، فشيخ العرب هذا قد جمع لنفسه عقارات وضيعات خارج أرض المحمّرة، أي في الأراض العثمانية، وصبّ جلَّ اهتمامه عليها، ولولا وقوفه أمام طموح الرعيّة وسوء الظن بهم ورغبته في خرابها، لانتعشت قلعة المحمّرة بسكانها وتجارها، وازدهرت بساتين النخيل فيها، ولدرّت على الدولة والرعية أموالاً طائلة بينما لا تجد فيها الآن غير الخروف المشوي.
بوشهر:
وهي إحدى الموانئ في بلاد فارس، تقع علىٰ ضفاف الخليج الفارسي، ويمرّ عبرها دائرة نصف النهار لطهران، ويحين وقت الظهر في المدينتين في آنٍ واحد وهي علىٰ خط العرض 29 درجة الشمالي.
وعدد السكان فيها يناهز العشرة آلاف نسمة، ومعظم أزقّتها ضيّقة وأبنيتها ذات طابقين. وهي تعدُّ مركزاً تجارياً مرموقاً، وغالبية سكانها من التجّار، وتضمّ ثلاث سفارات مهمّة، الأولى السفارة البريطانية، التي تمارس نشاطاتها باقتدار شديد، ويقع مبنى السفارة علىٰ شاطئ البحر، و تحرسها مجموعتان من الجنود الهنود بإمرة أحد الضباط، الذين يؤدون التمارين العسكرية عصر كل ّيوم في باحة السفارة.