143نقاطاً مهمة وحسّاسة عن كيفية أداء الحجيج لمناسك الحج في القرون الماضية، وأسلوب تعاملهم مع بعضهم، ومصاعب الطريق ومشاكله المختلفة، وعدم توفر الأمكانات المادية والترفيهية، وعن المعاملة السيئة التي يمارسها سكان مكّة والمدينة ضد الحجّاج غير العرب.
من بين رحلات الحجّ اللطيفة والمشوّقة، والمؤلمة أحياناً، هذه التي بين يديك، فمع أن كاتبها مجهول، لكنّه، عموماً، يمكن القول: إنّه كان أحد أفراد بلاط ناصر الدين شاه قاجار وموضع اهتمامه، حيث إنّه شرع في رحلته هذه بعد الاستئذان منه، وقد كتبها خصيصاً؛ ليقرأها (الشاه) نفسه.
يتّضح لنا من مواضيع هذه الرحلة، أن الكاتب كان يحمل أفكاراً جديدة، وتتصف بالتطور، ففيما يخصّ حياكة السّجاد يكتب قائلاً:
«للأسف، إن معظم الألوان المعدنية إفرنجية وغير ثابتة، فياليت قادة البلد يمنعون منعاً باتاً استعمال ألوان الصبغ الإفرنجي في الصناعات الإيرانية» .
وحول بناء السّدود يكتب قائلاً:
«إن الأراضي الإيرانية، التي تمرّ عِبرها هذه الأنهار، كلّها صحراوية وقاحلة وعديمة الفائدة، في حين إنّه يمكن وبمبالغ بسيطة، بناء سدّ؛ لتوجيه المياه الوفيرة نحو الأراضي الخصبة والصالحة، وإحياء الزراعة» .
إن الكاتب، من البداية وحتى النهاية، ينظر نظرة نقدية ثاقبة للمسائل المتعلّقة به، ويُطلع القارئ على كثير من الوقائع والأحداث والمشاكل الخاصّة بذلك العصر.
ومن المسائل التي تهزّ الضمير في هذه الرحلة، بيان جوانب من اضطهاد أهالي المدينة للشيعة، ففي هذا المجال يقول الكاتب:
والعجيب، أنّ شيعة أهل المدينة يسكنون خارج المدينة القديمة، وبيوتهم رديئة جدّاً وخَرِبة، ويعيشون عيشة صعبة للغاية، ولا يسمح لهم أهل المدينة بالدخول إلى الحرم الشريف ومسجد النبي صلى الله عليه و آله، ويحدث بين الحين والآخر أن يسطوا علىٰ منازلهم وينهبونها ويضربوهم ويقتلوهم. . . !