138منها، وهنا أيضاً، لم تتوقف عائشة عن أن تسمعه شيئاً، فقال: «إني لأحبّ حبيبها» 1.
وظلت الغيرة لا تنفك عن قلبها من سيدتنا خديجة، لا لشيء - فالأمر كلّه بعد موتها - إلّالأنها سبقتها إلىٰ نفس رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وإلىٰ قلبه فاحتلته بما امتلكته من خلق عالٍ وشرف رفيع وايمان صادق وجهاد خالص وذكر طيب، وبما قدمته من حياتها التي استرخصتها وثروتها وأموالها، كلّ ذلك وضعته بين يديه المباركتين؛ لنيل مرضاة اللّٰه ولتُعينه صلى الله عليه و آله وهو يحمل أعظم رسالة وأخطر مسؤولية تبليغية تغييرية عرضتها السماء وعرفتها الإنسانية.
وحينما نصره اللّٰه تعالىٰ وفتحت أبواب مكة له - وكان وقتها قد مرّ علىٰ وفاتها أكثر من عشر سنوات، وكانت كلّ تلك السنين مليئةً بالأحداث والشؤون المريرة، ولكنها مع كلّ ذلك لم تشغله عن ذكره لخديجة - أقام في قبة ضربت له هناك إلىجوار قبرها - حيث روحها التي تخفق حوله فتريحه وتؤنسه وترافقه وهو يشرف علىٰ فتح مكة، ويطوف بالكعبة، ويحطم رموز الكفر والشرك، وهو بين لحظة وأخرىٰ يرمق دارها حيث نبع الحب وحيث السكينة والمودة والحنان والتضحية.
وفيما قالته أمّ المؤمنين عائشة، كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار. فذكرها ذات يوم فاحتملتني الغيرة، فقلتُ: لقد عوضك اللّٰه من كبيرة السن، قالت:
فرأيت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله غضب غضباً أُسقطتُ في جلدي، وقلتُ في نفسي:
اللهم إنك إن أذهبت غضبَ رسول اللّٰه عني، لم أعد أذكرها بسوء ما بقيت. فلما راى النبي صلى الله عليه و آله ما لقيت، قال: كيف قلت؟ واللّٰه، لقد آمنت بي إذا كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقتْ مني الولد إذ حرمتُموه مني.
قالت: فعدا وراح عليّ بها شهراً.
أما ما ورد فيها عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله:
- فعن عبداللّٰه بن جعفر بن أبي طالب رضوان اللّٰه تعالىٰ عليهما: أن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قال: أمرتُ أن أُبشر خديجة ببيت من قصب، لا صخب فيه