8تهطل أمطار الرحمة والحكمة على العطشىٰ، فتنتعش القلوب الكئيبة، وتتفتح والعقول الراكدة.
نعم، هذه الأيام هي للعالم الإسلامي والأمة الإسلامية أيام عيد وأيام ميعاد، وجدير بالمسلمين في كل أرجاء الأرض، وخاصة حجاج بيت اللّٰه الحرام، أن يغتنموها بقضاء ساعات وأوقات في التعبد والتعقل، وأن يعود من ظفر بفرصة الحج والزيارة الىٰ دياره بيد مملوءة برحمة اللّٰه وحكمته، وبعزم جديد وإرادة صلبة تجاه مستقبله ومستقبل الأمة الإسلامية.
من بين الفرائض الدينية، يعدُّ الحج أكبر فريضة تجمع الجانبين الفردي والاجتماعي بشكل واضح جليّ.
الهدف في الجانب الفردي التزكية والوصول الى حالة الصفاء والإشراق والتحرر من الزخارف المادية التافهة، والخلوة مع الذات المعنوية، والأنس باللّٰه تعالىٰ، والذكر والتضرّع والتوسّل إلى الحقّ سبحانه؛ ليجد الإنسان طريقه الى العبودية، ويسير علىٰ هذا الطريق الذي هو صراط اللّٰه المستقيم نحو الكمال.
تنوّع الفرص والاختبارات في هذا الجانب كثير بحيث لو أراد شخص أن يجتازها بتوجّه وتدبّر فإنه ينال دون شك أعظمَ العطاء: فرصة الإحرام والتلبية، فرصة الطواف والصلاة، فرصة السعي والهرولة، فرصة الوقوف في عرفات والمشعر، فرصة الرمي والتضحية، وفرصة ذكر اللّٰه، تشكل كلّها جوّاً زاخراً بالروح والحياة يمتدّ علىٰ جميع هذه المراحل. مجموع هذه الفرص يمكن أن يوفّر لكلّ فردٍ دورةً قصيرة من الرياضة الشرعية، وتمريناً على الزهد والسلم والحلم، وخصالاً خلقية حميدة أخرىٰ.
في الجانب الاجتماعي، الحجُّ من بين جميع الفرائض الإسلامية فريضةٌ فريدة؛ لأنه مظهر قوّة الأمة الإسلامية وعزّتها واتحادها، ولا ترقى إليه أية فريضة أخرىٰ في قدرته علىٰ تلقين الأفراد دروساً وعبراً بشأن الأمة الإسلامية والعالم